ورقه متساقطه ،
من أواخر أيام الياسمين تحديدا ً ، وجدت نفسها رغم أنفاسي !
فلم أجد طائرة تقلني سوى يوم الثلاثاء المباشر لأخر يوم تنتهي فيه أمتحاناتي الجامعيه فقد كان يجب علي أن أذهب للمطار مسرعا ً بعد أمتحاني حتى أتفادى ان تفوتني الطائره ، لا تتعدى بعض الثياب العربيه التقليديه وعمامه في حقيبتي التي وضعتها بالسياره وأخي فيها ينتظرني ، فهذه الوجهه هذه المره إلى مدينة مكه المكرمة والمُزار جدتي ، فقد علمت أنها تعبت وأخرجت من المستشفى وهي في البيت ، ولم أحتاج الأسباب لزيارة جدتي ؟ هكذا كنت أحدث نفسي ، فلم يدع شوقي للأنتظار شأناً ! أخترت أقرب رحله تتلو أرتباطي بالشرقيه ، الجو ممطر ولا أهتم ! فقط أطلب من أخي بإن لا تفوتني الطائره فانا ع عجلة من أمري ، يسير مسرعا ً والجو ممطر ، لم أتصل ولم أعلم أحداً من عائلتي بحضوري سوى جدتي ، فعند وصولي كأن ليس بالمطار من أُنس ، فلا يتواجد به أحداً رغم أكتظاظه عن بكرة أبيه ولم أتعب نفسي بالسؤال ، لم ! هكذا أنا أرى ، فقط مايسيرني وما يشغلني هي جدتي لا شيء سواها ، أحسست بشوقا ً يعمرني لها ، لم أبحث عن نفسي سبباً لعدم الحضور ، بل على النقيض تماما ً فقد ألغيت الكثير من أعمالي من أجل هذه الزياره ، فقد كنت مشغولا ً ببحث كيميائي يتعلق في عملي يدور حول طريقة إحراق غاز معين ضمن مجموعة غازات ومعرفة مدى مقدارها بداخل المجموعه ، وخلال نفس الفتره ذاتها كنت مطالب باختبارات جامعيه لم تنفك بنحر نومي في تلك الأيام ، مطالب كيميائيه ومطالب تخصصي الجديد في الإداره كانت تنهكني حتى أن الأفكار والأوراق أصبحت تختلط بين يدي ، كنت أرى ملاذي المريح في منزل جدتي ، ففيها أنسى جميع متاعبي ، فقد كانت جدتي شابة بقلبها و عطوفه بعقلها ، فكيف لا أرتاح في جنبات دارها ؟ ، فعند أخر عمليه لي قبل عدة شهور عندما كنت أعاني من مشاكل في أنفي وبعد العمليه مباشرة بيوم أبتعت تذكره للذهاب الى جدتي ، نسيت ألامي نسيت وجعي ونزيفي المستمر من جراء العمليه ، نسيت أنه أكثر أشهر السنه حراره في مكه ، فانا لا أرى أستجماما ً وبردا ً إلا في جنبات دارها الميمونه ، فبيتها مزار الأقارب ، وأخوانها الأجداد ( رحم الله من بقي ) يتعدون الـتسعه وأبناءهم يتعدون المائه بقليل من دون ذكر الأحفاد وأحفاد الأحفاد ، فبيتها أشبه بخليه نحل ، فلا يخلو المجلس من رائحة القهوه لمدة ساعه ، بل إنها لا تستطيع القعود في المستشفى عندما تكون متعبه من كثرة الزوار الرافدين لها ، هذا حال بيتها وحالها مع زوارها ببشاشتها المعتاده فهي لا تستقبل الناس إلا في مجلسها العامر ، بعصاتها تسير من غرفتها ، تتكىء على ألامها وعلى اوجاعها ، إكراماً لمن جاءها ، لذلك كسبت زوار لا يفتلون إنقطاعا ً عنها .. كانت الساعه تشير إلى مابعد السادسه صباحا ً ، صليت الفجر ويملئني التعب ، فكرت قليلا ً سأذهب لها مساءا ً ، فقط أستريح ثم أذهب لبيتها ، فهو قريب مني ، عدة دقائق وأكون لديها ، تمتمت بكلام لا أتذكره وقتها ، تذكرت أني نمت بلا عناء ، أستيقظت على أذان الظهر ، ووجدت عدة إتصالات من والدي ، توضئت وذهبت للمسجد وأنا في الطريق عائدا الى البيت قام والدي بالأتصال بي ، طلب مني أن أحضر شاحن جواله من البيت ، قلت له يا أبي أنا بمكه أنسيت ؟ قال لا بل إنني في الطريق ذاهبا ً الى المطار ، ألا تعلم أن جدتك ماتت ؟ سكت هكذا لا أعلم ماذا أقول من غير أستيعاب ، إذا الوعد بيتها ، عندما تصل أرجوا أن تتصل بي ، دخلت البيت وانا أتقاطر حزنا ً ، أستقبلت القبله ورفعت يدي ، ياربي إنني أتيت لأراها ولم تمهلها حتى أراها ، أنك لتعلم مشاغلي وواجباتي التي تحكم وقتي ، أنك لتعلم أنني خاطرت في جو ممطر كأنه يتحداني بذهابي للمطار ويزين لي القعود ، ذهبت رغم أصدقائي ، سألتني أمي أن أبقى للصباح وأن أذهب ، قلت لها لا أقدر ! ، أريد كل ساعه معها ، أتيت ولم أجد إلا رفاتها ، جسد بارد على لوح ، يزيد أنظر لها ، سلم عليها وقلها ربي يرحمك يا يا أمااه ، حمدت ربي على مصابي وشكرته ، ربي أرحمها وأغفر لها ذنوبها ، وأبحها وحللها ..
قالت لي أمي في ورقه متلاحقه ، أنت محظوظ ! ، سبقت أباك عليها ، وسبقت أباك على عمك من قبلك ، وكل تعب أتعبه تكن موجود ، ماسر وجودك على الرغم من غيابك و أعمالك ..ماسر توقيت حظورك .. قلت لها نعمه من ربي ، أسأل الله أن لا تحرمنياها هذه النعمه .. وأن لا أرى فيك ِ مكروه ..
Tagged: وفاة جدتي, ايام الياسمين, جدتي