سبب التدوينه هو تعليق الصديق علي : هنا ، وسوف تكون سلسلة شاملة حول السفر بإذن الله وأنتظر تعليقاتكم وتساؤلاتكم فيها.

كتاب و خرائط

كنت قبل فتره في مجلس مكتظ يدور الحديث فيه حول سؤال أحد الإصدقاء عن رغبته للسفر مع عائلته وكان يتسائل عن أفضل الدول المناسبة للسفر العائلي ، فكانت الأقتراحات تتقاذف يمنة و يسرة حتى قال أحدهم مقاطعاً حديث الأخرين وبلهجه عاميه ( السفر خساير و مضيعة فلوس ) ، للوهلة الأولى كنت سأقتنع بكل حرف قاله حتى أسترجعت ذاكرتي و أفكاري و حديثاً لي لطالما كان مستمراً و أفتحه مع كل سائح أقابله في بلدان العالم ، أو عندما كنت أعيش في ألمانيا ، مع الزملاء و الاصدقاء و من أصادفهم هناك ، مره وأثناء لقائي لصديق ألماني يعمل في مطعم بيتزا في الفترة المسائيه و قد كان في النهار يدرس في كلية الطب و كان يذهب لمعهد لتعلم اللغة الفرنسيه في الاوقات التي لا توجد لديه محاضرات في الطب  ، جدول أوقاته مشحون بالكامل بالمهام و العمل والبحث ، ومع ذلك أثار أستغرابي عند جوابه لي بسؤالي : ماذا ستفعل في عطلة العيد الوطني الألماني ؟ ، حيث أجابني أنه سيسافر إلى أسطنبول ، تساءلت بشكل عفوي ، أليس سيكلفك كثيراً و سيجهد ميزانيتك ؟ قال لي لقد وجدت رحلات طيران إقتصادية بسعر رائع و من ناحية المبيت فأنا سوف أتشارك الغرفه مع أصدقاء سوف يذهبون معي من أجل ذلك ، كان هذا الحديث يدور معي في كل مكان تقريباً وب إجابات مختلفه ، فالدكتور الالماني لا يهمه المبلغ المالي ، فقد تحدث لي أحدهم عن زيارته لعدن اليمنيه و الدوحه قبل عام 1990 ميلادي ، فهو لا يبحث عن التطور و الحضاره ، بل يبحث عن أكتشاف التاريخ و التراث ، أو حتى بحديثي مع الجيران أو ربما كان هناك جالس لطيف بجانبي في القطار ، كان الأغلب وجدته قد أرتحل إلى دول في حياته قد تكون قريبه مني ولم أتكلف حتى بزيارتها ، أليست هذه خسائر بمنظور صديقي ؟ بالرغم أن حديثي الدائم مع أصدقاء لي من أمريكا ، كانوا يقولون لي أن الأوروبيين يتغلبون عليهم من حيث قوة الإدارة المالية لديهم ( بمعنى آخر أنهم بخلاء ).

لذلك عندما أستجمعت أفكاري حول السفر قمت بمقاطعة حديث صديقي السعودي عندما كان يقول جملته ( السفر خساير و مضيعة فلوس ) حيث بدأت أول كلمة لمقاطعتي له هي ( أنه بالعكس من ماتقول ) ، وأردفتها بعد أن بانت ملامح التعجب على وجهه : فانه كما يرونه الغرب المهتم بالمال ، هو باب من أبواب الثقافه و التعلم ، فمن المستحيل انك إذا ما قرأت كتاباً أو سافرت ، أن تكون ذات الشخص الذي كان قبل أن يقرأ الكتاب أو أن تكون الشخص الذي كان قبل السفر بتركيبة تفكيره ، لابد أن يتغير فيه شيئاً ، حتى ولو لم يشعر بذلك ، فهناك شيء تغير ، ولا يكتفي بذلك فهو مجدد للنفس و الروح معاً ، بتمتع النفس بالراحه و تمتع الروح بالإنطلاقه ، لا يهم ثمن الكتاب أو ثمن السفر إذا كان سيضاعف من تطوير عقلك و يقوم بتنمية قدراتك الشخصيه ، لا توجد خسارة أبداً ، ولا يجب أن تأخذها بفكرة الخسارة الماليه من حيث المنظور المادي ، بل عليك أن ترى جميع الجوانب الأخرى ، وعليك ان تعييد تقييم رؤيتك بناحية السفر ، وأما عائق المادة ، فأنت قد تشتري كتاب مستعمل أو تطلب نسخه ألكترونيه مثل حالتي في كيندل ويكون سعره مخفضاً عن الورقي ، فتكون أستطعت توفير مبلغ من المال ، ونفس الشيء ينطبق على السفر ، تستطيع أن تقلل التكاليف بنفس المبدأ ، لا أخفيكم أنني مرة قد سافرت بمبلغ لا يتجاوز أربعة ألاف إلى دبي ولمدة أربعة أيام ، والسعر شامل الطائرة و القطار و الأكل لشخصين.

اختيارك لموسم مخفض و طائرات إقتصادية وفندق متوسط و الاكل في مطاعم سريعه ذات سعر معقول ، تجعلك تستطيع السفر دون أن تواجه مشاكل مادية أو تضطر إلى الإقتراض من الاخرين ، عليك أن تجعل فكرة السفر هي للفائدة لي أنا ، و لمن معي وتفكر كيف أستخلاص الفوائد ، ولا تكون الحياه بتعقيداتها المادية عائقاً أمامي بجعلي أضطر إلى أن أستلف المال أو حتى حرمان نفسي من متعة سياحة السفر أو الكتاب.

خاتمة :

( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) الآية