وصلت قبل أيام قليلة ، عائداً من ( سفر العزلة ) حيث أول الكلمات التي كانت تواجهني عند مقابلتي هي ( لقد تغير لون بشرتك و أسمرّت ) ، تفاجأت من أول ثلاثة قالوها لي ثم بعد ذلك أستوعبت أن الأمر حقيقة و نسياني لنفسي خلال الأيام الماضية على شواطئ محيط الكتابة كانت السبب في تسمر بشرتي تحت أشعة الشمس ، عموماَ لم أعر للموضوع أهتماماً سوى أنني فعلاً أندهشت من أحساس الغياب بين الأصدقاء وكلماتهم اللطيفه التي تقول في خفاياها أن أثري كان بائن و غيابي القصير الذي أستغرق ست و عشرين يوماً كانت تبدو لهم أكثر من ذلك لهم ، وهذا الأكتشاف ينضم لسلسلة أكتشافاتي المجيدة لهذا الشهر !
حيث كانت الفكرة غريبة وجنونية ، وصدقوني لم أكن أتوقع أن أسافر إلا قبلها بأيام قليلة وحدث ذلك بشكل مفاجيء و متسارع في نفس الوقت قررت فيها السفر ، هروباً ، إلى عالم أستطيع فيه أن أختلي بنفسي ، كانت أول الأشياء أن أحجز لزوجتي الغائبة وطلبت منها الحضور و قطع إجازتها العائلية ، لم أخبرها حينها متعمداً و كانت الفرصة مواتية حيث حجزت لها في وقت ضيق لم تستطع حتى هي أن تسأل .. ( في الحقيقة فهي لن تسأل حتى لو كان ذلك )
كنت بعد ذلك أنا و هي على ذلك الشاطيء ، قلت لها لقد حدث أمر طاريء ، مالت برأسها علي و كأنها خائفة ، و كأنها تريد أن تطمئنني في نفس الوقت ! ، قلت وبشكل جدي أنني سوف أنشغل في تحرير الكتاب ولذلك طلبت منك قطع أجازتك العائلية وأريدك أن تكوني مساعدتي في التحرير و الكتابة و الألهام ، فكانت خير عون ، حيت لم أستطع الكتابة لسطر واحد دون أن أقوم بتمرير أصابعي بين خصلات شعرها الغجري الذي يشابه لون القهوة ، كانت تضع رأسها غالباً عند كتفي وأنا أكتب ، وفي كل سطر كانت يدي تمرر أصابعها بين خصلات شعرها لتعطيني المجد و الرصافة في الكتابة !
قلت لها بعد مرور أسبوع ، قد أقول شيئاً غريباً ، ولكن لا تستغربي ، كانت كعادة نظراتها تزداد تركيزاً معي ، وأشعر بأهتمامها الجارف الذي يشتعل دائماً عندما أكون بجانبها ، قلت لها هذه الأيام أنا أكتب ولا أشعر بنفسي ، صرت أشعر بأني في حالة أنفصال تام عن ما تطلقه يداي من أحرف و كلمات ، كانت تضحك و تقول أستعذ بالله ! ، قلت صدقيني لم أعلم أن وجودك أنتي و الشاطيء و المحيط يكونون دافع قوي و أجنحة أطير بها ، نعم أنا في الأرض ولكني أطير ، لا ألمس الأرض ، ولكن أنا على الأرض ، أحساس فلسفي ولكن حقيقي ، فهذه السماء جزء من الأرض ، وعندما يطير الطائر فهو في الحقيقة لازال على الأرض لم يذهب إلى الفضاء ، أو إلى كوكب آخر ، هو لا زال ساكن أرضي ، لم ينتقل إلى المريخ أو الزهرة !
كنت أقول لها هذا ، وهو شرح بسيط لما أعنيه بالكتابة ، نعم فانا منفصل عن يدي ، ولكن يدي لازالت جزء مني ، عندما تشعر في لحظة أنك فقدت السيطرة عليها وأصبحت تكتب من ذاتها ، كما ترى الطائر في السماء يحلق بذاته ، ولكن لم يخترق السماء ، فهو في الحقيقة لازال جزء من الأرض ولم يطير إلى السماء .. يدي لازالت مني ولكن بنفس حالة الطير كأنها تطير ..
كانت أهم نصائحها وهي تبدأ قراءة صفحاتي الأولى التي كنت أقوم بتبييضها بعد أن كانت مسوّدة ، أن أقوم بتقسيم إلى أجزاء صغيرة ، بصفحتين أو ثلاث ، لا تتعدى حروف كل جزء منها خمس مائة كلمة ، كانت تحاججني بقولها أن الناس توجهوا إلى الـ Microblogging وتعني بالكتابة المصغرة مثل تويتر أو حتى للمقاطع الفيديو الصغيرة ، لم يعد يرغبون بمشاهدة أو قراءة الأشياء الطويلة ، كنت إلى تلك اللحظات غير مقتنع بهذه الفكرة رغم تكرارها من الكثير من حولي ، كنت أجد أن أمانتي في النقل بما أملكه من أفكار أود أن أطرحها ، لا يمكن أن أشرحها بتلك الأسطر القليلة ، سأشعر أنني بخيل بما أعرف ، كان هذا الشعور يتملكني وكانت تهدئني ، وتطمني بأن كل ما أكتبه سيفهمه من يقرأ دون الحاجة أن أطيل في الكتابة ، كانت كلماتها محفزة لي ولم أصدق أنني كنت أكتب تلك الفصول الصغيرة ، حيث كل فصل لا يأخذ في القراءة من 4 دقائق إلى 5 دقائق حيث يستطيع كل شخص أن يتوقف متى شاء في أي فصل وأن يتنقل بينهم ليجمع الأفكار بسهولة ودون عائق سردي طويل ممل كما هي حال الكتب القديمة ..
Tagged: مشروع كتاب, الكتابة, الحياة الزوجية, تأليف كتاب
لا أجد نصوص الوجبات السريعة تعجبني كثيرًا، فالإنسان إن لم يمر بمراحل الفكرة لن يقبل بها أو يستوعبها كما يجب، نعم إن شرح الفكرة بأقل عدد كلمات يعني استيعابك لها، ولكن لا يعني ذلك قبول الآخر بها، نحن لا نبحث في الحرف عن الفهم والاستيعاب، نحن نبحث عن لذة رحلة القراءة، ونتمنى من القارئ القبول بفكرة النص، شكرا لحرفك هنا.
إعجابLiked by 2 people
سعيداً بوجودك أخي أحمد ( الذي أعشق مدونته ) ، صدقني كل ما تقوله هو ما أؤمن به ، ونسختي السوداء كانت كذلك و لكن ما أقنعني أن الكتب الجديدة بدأت تتجه إلى هذا النمط المعين في الكتابة ، لم يعد أحد يرغب في القراءة المطولة كما نرغب فيه أنا وأنت !
إعجابLiked by 2 people
كثير من الأشياء لا نقنتع بها فعلاً ولكن نفعلها من أجل الأخرين ، ومن ضمنها بالنسبة لي هو صفحة تويتر ، لست مقتعاً فيه ولكن حاجة الزمان أجبرتني أن أفتح حساباً فيه رغم وجودي المقل فيه.
إعجابإعجاب
صدقت، ولكن قلة قليلة مؤمنة، خير من ثلة كثيرة مثقلة.
شكرا لردك ومتابعتك، أتمنى لك كل التوفيق ولمدونتك مزيدا من التألق
إعجابإعجاب
بالتوفيق ونحن في انتظار كتابك ورغم معرفتي القصيره بمدونتك لكني اشعر بجمال فلسفتك دمت بود
إعجابLiked by 1 person
شاكر و مقدر لكلماتك اللطيفة والتي تسمو بعبق روحك الجميلة.
إعجابإعجاب
هذا ما كنت ارمي اليه من البداية
الزمن اختلف واصبحنا في عصر 140 حرف
والمعلومات السريعة ، ولابد من أن نواكب العصر لتوصيل الفائدة
وكتابك قد يُهدى لهدف الاستفادة لأصحاب غير قارئين
وتراص الاحرف وكثرة الحديث تجعلهم يغلقون الكتاب منذ البداية
وكما قلت سابقا لابد من ان تكون البدايات ملهمة لتجعل القراء يلتهمون الصفحات تباعا
تستطيع بعد صدور كتابك أن تكتب ابرز المعلومات المهمة بأنفوجرافيك
وتنشر عبر تويتر ، سيكون مفيد لنشر الفائدة + تسويق لكتابك بطريقة غير مباشرة
إعجابLiked by 1 person
” وكتابك قد يُهدى لهدف الاستفادة لأصحاب غير قارئين
وتراص الاحرف وكثرة الحديث تجعلهم يغلقون الكتاب منذ البداية ”
هذا ما فكرت فيه إيضاُ ، الكتاب ليس أدبي ، هو للأستفادة الواضحة دون متاعب للقاريء الذي لم يعتاد على القراءة ..
أعجبتني فكرة الأنفوجرافيك ، بصراحة أفكارك جميلة يا أخت طهر الجنان ، لا حرمك الأجر ، ولك الشكر الجزيل دائماً ..
إعجابإعجاب
أعجبني وصفك للمرحلة التي بلغتها في الكتابة… فعلاً أحياناً يكون هناك تواصل لا إرادي بين العقل واليد فتكتب اليد ما يمليه العقل دون تدخل منا وهذا هو الاسترسال… بالتوفيق لك في كتابك
إعجابLiked by 1 person
آمين ، شكراً لدعائك
إعجابإعجاب
أعود لأقول مجددا أستمتع بمقالتك… و أستشعر كمية حب منها رهيبة… الله يديمكم لبعض… وصدقت بعض المكونات لمحيط الكاتب تساعده بشكل ملحوظ وتلهمه بشكل لا يصدق…
إعجابLiked by 1 person
هذا مايفعله الإلهام.. وله مسبباته.. الزوجة والمحيط وصوت الأمواج والطيور.. فلاعجب بإحساسك بأنك تطير وأنت على الأرض .. ويدك مسترسلة بالكتابة لاإرادياً .
أما بالنسبة لطول أو قصر الكتابة فهذا لا يعني بالنسبة لي أي شئ. فالعبرة في المحتوى.
إعجابإعجاب
يبدأ المرء بالإسترسال في الكتابة عندما يصل به عمق المشاعر والأجواء المحيطة به بأن تعزله عن كل مشاغل حياته “الروتينيه” والمملة نوعا ما
وترسله لمستوى عميق في نفسه لا يتذكره إلا عن مرور خواطره أو في منتصف أحلامه أو في آعمق مراحل الشعور في ذاته وعبر تاريخه الشخصي كاملاً !
هنيئا لك .. فقد تواصلت مع أعمق نقطة في روحك في تلك اللحظات
فغدت الأفكار تنسال في قلمك حد الجريان بدون وعي تام من عقلك الواعي
فآصبحت تكتب من ذاتك .. أو علمياً من عقلك الباطن وهو مخزن أحلامك وأفكارك العتيقة ! 🙂
كل تمنياتي بالتوفيق لك في كتابك وفي كل فصول حياتك 🙂
إعجابLiked by 1 person
توصيفك و فهمك جميل للغاية.
نورتي يابدور
إعجابإعجاب
بالتوفيق لك في كتابك وخذ وقتك فيه!👍👍💕
إعجابإعجاب
عندي فضول أتفصح كامل تدويناتك شي رائع صراحة توثيقك للتفاصيل والمشاعر الصغيرة السعيدة
يارب يخليكم لبعض ويديم بينكم المودة والرحمة والمحبة أقدر دعم كل زوجين لبعض
وأقدر نقل تلك الحقيقة الصادقة من مشاعر لتلك الزوجة عكس ما أرى وأسمع من إجحاف لصورة الحياة الزوجية
وأكيد بإنتظار كتابك وإذا سمحت بنسخ موقعه (ماعندي فيسات أكتب من الابتوب المهم فيس متحمس )
إعجابإعجاب
دمت متالقا يزيد
اصبح الاختصار في الكتابه و الكلمات الحل الانسب لايصال المعلومه.. فكرة سديدة بالنسبة لي و هادفه تجعل الشخص المتمعن في الكتابه اكثر تركيزا و تخيلا للاحداث …
احسنت
إعجابLiked by 1 person
و دمت أنيقة يا فاطمة ، رأيك أسعدني وحفزني على البقاء بطريقة الأختصار .
إعجابإعجاب