ايها السيد الكريم ، ليس الفقر رذيلة ، ولا الإدمان على السكر فضيلة ، أنا أعرف ذلك أيضاً. ولكن البؤس رذيلة أيها السيد الكريم ، البؤس رذيلة.

هذا النص الحواري السابق لدوستويفسكي من كتابه الشيّق ، العقاب و الجريمة ، والذي سرعان ما تذكرت النص عندما بدأت مسألة التفكير حول وجود السكر في حياتي ! .. بدأت بالتنبه للسكر ووضع المجهر عليه قبل ما يقارب السبع سنوات ، عندما كنت أشاهد برنامجاً حوارياً على قناة الكويت وكان الضيف هو طبيب مختص بالسكر ، وكان يتحدث عن ضرورة تخفيف السكر في المشروبات ، كانت أول ردة فعل لي على هذا الحوار التلفزيوني أن بدأت بمقاطعة السكر في الشاهي ، ومن ثم تلتها مقاطعة السكر في القهوه الأمريكية ، أما اللاتيه وأخواتها من المشروبات فهي من الغائبات عن قائمة مشروباتي المحدودة والمكونة من شاهي بجميع ألوانه ، قهوة سوداء ، قهوة تركية وبدون سكر ، لا أهتم من أستغراب من هم حولي عند شربي لها بدون سكر ، فهي أصبحت بلساني لذيذة ، فقد أعتدت عليها بعد أسابيع فقط منذ أن بدأت بالشرب بدون سكر ، وأستمررت عليها حتى الآن ، إلى درجة أصبحت أتلذذ بطعم أوراق الشاهي وأميزه عندما أغير نوعه ، و أصبحت أكره الشاهي بالسكر ، رغم خلافي مع جدتي حول هذه النقطة ، حيث تنشد في كل مره نتحدث بها عن فكرة ألغاء وجود السكر في الشاهي ، فترد علي بصوت بدوي وهي تغني و تضحك “ لولاك يالسكر ما شربناك يالشاهي ” ،فهي أعتادت على وجوده لسنين طويلة ويبدو من الصعب أقناعها بفراق السكر في الشاهي ، رغم أنها على العكس مني تماماً ، فهي لا تأكل الحلويات و أنا أغرق في الحلويات إلى حد الثمالة ، لا يمر يوم دون أن آكل شيء من الكعك أو الشوكلاته و الأيس كريم ، فهي وجبة رئيسية عندي في وقت العصر مع الشاهي ولكنه كما أسلفت بدون سكر ..

كنت أعلم عن السكر ومخاطره ولكن كنت أكتفي بمقاطعته في المشروبات حتى رأيت الفيلم الوثائقي ” ذاك فيلم السكر ” .

6poijk0po56468

بمجرد أنتهاء الفيلم ، كان قد أعاد فتح أغوار مطمورة بداخلي ، وقام بتوجيه أنظاري من جديد حول أخطار السكر في الطعام على الصحة ، وخصوصاً ما يتم من تلاعب شركات الأغذية من خلال وضع كميات كبيرة من السكر في الأطعمة المباعة في أرفف البقالات لكي تزيد مبيعاتهم ، حيث قام بتجربة شخصية بأن يأكل أربعين ملعقة سكر لمدة شهرين و القيام بملاحظة التغييرات الجسدية والنفسية عليه ، الفيلم مدهش وطريقة الأخراج والشرح رائعة ، جعلتني بعدها أقتنع تمام الإقتناع بالتوقف عن السكر أو على الأقل محاولة الحد منه ، ولازلت مستمراً على هذه الحالة منذ أربعة أسابيع بمحاولة التوقف عن السكر ، وأعلم أن المشوار طويل وصعب ولكن أجده يستحق المحاولة ، فمن نتائجه أن بدأت بملاحظة أن مزاجي في أول اليوم كان متعكر والنفسية غير مستقرة حتى مرور عشرة أيام تقريباً وأصبحت الأحظ أستقرار في المزاج ، ولكن ليس من السهل التوقف عن أكل الحلويات تماماً وإذا توقفت تجد من الصعب التوقف عن وضع صلصات بالسلطات لإنها أيضاً تحتوي على سكر ، فعندما قررت متابعة كل علبة أشتريها وأن أقرأ محتوياتها من السكر كنت أتفاجأ من المنتجات التي تملأ أرفف كاملة هي مضاف لها السكر ، حتى أني شككت بمسحوق تايد أنه تم إضافة السكر له ، وأنا أمزح هنا بالتأكيد ولكن فعلاً بدأت بالتوّجس والشك حول غذاءنا والخطر الذي يحيق بنا و لا نشعر به ..

لهذا قمت بمقاطعة السكر في الغذاء قدر الإمكان ، فمثلاً يوم أمس كنت في مأدبة عشاء وأمامي صحون متنوعة من الحلويات وكان الداعي يقول لي كل مره يراني فيها ، كل يا يزيد من هذا الحلى وأنا أجيبه سوف أأكل بعد قليل ، كنت أستغرب من مشاعري عدم تجيشها و إنفراطها أمام شهوة أكل الحلى ! ، فقد كانت حالتها على غير العادة ، كتفسير بسيط : يبدو أن الهرمونات في جسدي لم تعد في حالة أدمان للسكر كما كانت بالسابق .. لا زلت أقول لنفسي الوقاية خير من العلاج .. ومن الجيّد أن أقاطع ما أعتقده سيكون مضراً لي ..

لمشاهدة الفيلم كامل :