merlin_136765053_785e187b-73a6-4ee1-b22c-e125575434c2-superJumbo

كقاعدة ، تعتبر الصداقة شيء لا تشوبه شائبه بحد ذاته ، فالصداقة واحدة من متعّ هذه الحياة ، مثل الزهور والفاكهة . ” عنونت صحيفة ذا أونيون بقولها : من المحتمل أن يكون لطيفاً وجود عدد من الأصدقاء” بالطبع إنه “نوع من المتعة ” و ” الروعة ” أن ” تمتلك عدد محدود من الأشخاص المختارين بعناية في حياتك للقيام بالأشياء بشكل روتيني ومعتاد ” ، يمكن لمعظم الناس تسمية ما لا يقل عن نصف دزينة من الأشخاص الذين يعتبرونهم أصدقاء جيدين في حياتهم ولو بشكل معقول ، فالمجتمع الوحيد الذي لا يمتلك الناس فيه أي أصدقاء ، وفقاً لدانيال هروشكا ، وهو عالم أنثروبولوجيا تطوري من جامعة ولاية أريزونا ، يتواجد هذا المجتمع فقط في سلسلة الخيال العلمي “Foreigner” ، غير أن باحثين آخرين و الذين يستكشفون ويهتمون بطبيعة الصداقة العميقة يعترفون بأن الرابطة يمكن أن يكون لها أشواك و آثار كدمات ، فقد أظهرت الأبحاث الجديدة على أن أفراد المجتمع يقومون بإختيار الأصدقاء على أساس التشابه بينه وبينهم ، ويكون هذا الأساس والرغبة حتى لو أستدعى الأمر أن تتشابه بينهما نمط تدفق الدم في جسم الإنسان . حيث يميل إلى إنسان ليكون أكثر تشابهاً أكثر وأكثر وتدعى لاتينياً homophily ، يحتشدون كما تحتشد الطيور جنباً إلى جنب حسب لون ريشها ، تعطي شعوراً متزايداً لتتناغم الانتماءات و تتشارك الأهداف ، للضحك بمجرد إشارات رمزية و دون الحاجة إلى كلمات متبادلة مفهومة.

غير أن الباحثين يقولون إن دوافع عديدة مثل القبلية وكره الأجانب والعنصرية هو الحافز الذي يرغمك إلى ” تمايز أو تباعد ” أولئك الذين يختلفون عنك وعن أصدقاءك المحبوبين بطريقة أو أكثر.

وهذه الدوافع السابقة يمكن أن تسفر عن نتائج سخيفة. إحدى الدراسات الحديثة من جامعة ميتشيجان ، حيث قاموا بتجميع عدد من هواة تسلق الجبال في يوم بارد ، وقراءة قصة عليهم بينما هم واقفين في وسط أمواج البرد ، فإذا كانت شخصية الرواية عن شخص يشبههم ، وقالت الشخصية في الرواية أنها لا تشعر بالبرد ، فعند سؤالهم يقومون بالإجابة بنفس الإجابة ، وعندما يقولون أنها تشعر بالبرد فهم أيضاً يقومون بالإجابة أنهم يشعرون بالبرد ، هل هم يمتلكون نفس بشرة الشخصية في الرواية ؟ بالتأكيد لا ، ولكن نميل إلى أن نتشابه مع الأشخاص القريبين من أراءنا السياسية ومعتقادتنا الحياتية.

“لماذا تكون قضيتنا الدائمة ، أننا نحب صفاتنا و أن نكره صفات الأخرين ” نيكولاس كريستاكيس من جامعة ييل معلقاً على موضوع الصداقة ، : “لقد كافحت وعانيت من أجل قراءة الكثير من الأبحاث حتى وصلت إلى عدد لا يمكن حصره من الأبحاث التي كوّنت بداخلي كمية من الرثاء بشكل مريع. فدافع كراهية الأجانب ودافع التحيّز المجموعة ، يسيران جنباً إلى جنب في هذا الطريق إلذي يدفعنا بشكل شديد إلى كره المختلفين عنا ، تتنبأ نماذج نظرية الدوافع وتؤكدها أمثلة حية على ذلك حيث يقول الدكتور كريستاكيس: “من أجل أن نتحد، نحن بحاجة إلى عدو مشترك” ، و من حسن الحظ ، لم يصر أي نموذج من تلك النماذج على أنه يجب إبادة الجماعة الخارجية أو إزالتها من المشهد. وقال: “من الممكن التعامل مع المجموعة الخارجية بهدوء خفيف أو حتى الاحترام على مضض ، لهذا أستنتجت الأبحاث “التميز داخل المجموعة لا تطلب أن يُقتل الآخر”.

ومع كل هذا ، فحتى العمل المعتاد لتكوين الصداقات في حياتنا هو عمل إقصائي ، ينادي بالأحكام ويطلقها ، وبالتالي يترابط مع أحتمالية حدوث الألم ، فيقول ألكساندر نيهاماس وهو أستاذ الفلسفة في جامعة برينستون ، “إن الصداقة هي دائماً نوع من أنواع المؤامرة ” ويضيف بقوله ” نحن هنا اثنان، وسنفعل ما نفعله بين كل هؤلاء ، سواء كانوا يريدوننا أم لا” وإذا ما حاولوا الانضمام إلينا ، فيمكننا القول ، لا ، آسف ، أن هذا المقعد تم أخذه مسبقاً ، نحن نحجزه لصديق.

من لا يجوز له رد الجميل؟ أظهر مؤخرًا عبد الله المعتوق وهو الباحث السعودي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ” أن الناس عندما يطلقون الأحكام ، فأنهم يحكمون بشكل ضعيف على أصدقائهم “.

عندما طلب الباحثون من 84 من طلاب الكليات التعرف على أصدقائهم ، وجد الباحثون أنه في نصف تلك الحالات ، قد فشل هؤلاء الأصدقاء الذي تم تسميتهم بالإصدقاء في مواكبة معايير الصداقة ، بل قد أظهرت دراسات أخرى تباينات سيئة ، حيث كشفت دراسة واحدة أن 66 في المئة من الصداقات المفترضة كانوا غير متشابهين في الحقيقة ، رغم أفتراضهم بالتشابه فيما بينهم !

ومن ناحية أخرى ، نجد أن الصداقات أيضا هشة على نحو مدهش ، استنادًا إلى مسح تفصيلي تم إجراءه على 540 مشاركًا ، قرر الباحثون في جامعة أكسفورد أن الأشخاص قد أختلفوا مع أحد أصدقائهم مرة واحدة كل سبعة أشهر تقريباً ، أو ما يقرب من مرتين سنويًا ، بل أنه بعد عام من ذلك ، بقي 40 بالمائة من تلك التمزّقات جراء الخلافات دون معالجة ، ومع هذا لم تختلف المعدلات الإجمالية لصراع الصداقة ما بين الرجال أو النساء ، فكلاهما كانت النتائج متشابهه ، لكن النساء كن أكثر عرضة للصدام مع الأصدقاء المقربين ، للتعبير عن مشاعر الألم حيال الانفصال ، وهن أكثر تطلباً لأدلة تثبت الصداقة قبل الأنسجام ، بالتأكيد ، قد يعني الحب ألا تضطر إلى القول أنك آسف ، لكن الصداقة قد تطلب منك ذلك ، وفي حالة الصداقة قد لا تكون كلمة أسف كافية.

المقال قمت بترجمته بالكامل وبشكل مهترئ من القسم العلمي لصحيفة نيويورك تايمز :