سيؤول أو سوول ، هذا تقرير لرحلتي الأولى لها

أتشبث بآخر أيام شهر أغسطس ، فقد وعدت ذاتي بمواصلة الكتابة مهما حصل ، هذا أنا للتو خرجت من طاريء صحي ، حيث كانت حمى محمومه تلبستني و جعلتني طريح الفراش لمدة ثمانية أيام ، وما يزيد الأمر سوءاً ، أنك لوحدك تواجه صعوبات مثل أن تأكل لوحدك وتشرب لوحدك وتقوم بكل مهام المنزل لوحدك ، حتى أن النباتات تحتاج من يسقيها ، فكل من حواليك كان مسافر..

من ضمن وعودي لهذا العام أن أكتب عن كل رحلاتي طالما تحط أقدامي بسلام عائداً للمنزل ، لم يحدث هذا عندما عدت من أسبانيا قبل عدة أشهر ، وحتى الآن لم أكتب مشاهداتي عنها !! بل حتى التشيك و المجر زرتهما العام الماضي ولم أكتب مشاهداتي حتى الآن.

و الآن الخوف أن يتكرر من جديد ، فقبل عدة أيام عدت من كوريا الجنوبية ، لذلك قلت لن أقوم بنفس الخطأ هذه المره ، سأكتب في أول لحظات عودتي ، لذلك هذه التدوينه سيكون الحديث فيها عن كوريا الجنوبيه ، قبل الحديث عن أي تدوينات أخرى أحتفظت بها في المسودة ، حتى قبل أسبانيا.

كان المخطط مسبقاً أن أعود إلى أسبانيا وأكمل ما بدأته قبل رمضان في إجازة عيد الأضحى المبارك ، كانت أحد أهدافي لهذا العام هو القيام بجولة كاملة في أسبانيا لهذا العام ، فقد كانت هي الهدف الذي رسمته لهذا العام ، ولكن متى كانت لدي خطة تسير كما يجب؟ ألغيت جميع ترتيباتي للسفر إلى أسبانيا وخسرت قيمة عشرة أيام من الحجوزات الفندقية في مدريد ، لم أستطع الذهاب لها ، فقررت الذهاب بدلاً منها إلى دوله أخرى ولكن دون الحاجة للذهاب إلى سفارة والتقديم على فيزا ..

الخيارات كانت محدوده بين تركيا ، أذربيجان ، جورجيا ، وكلها دول لا تحتاج إلى الذهاب للسفارة للحصول على فيزا ، فكرت بالذهاب إلى صلالة بما أن شهر أغسطس فيها يعتبر شهر الخريف لديهم ، ولكن للتو قد جئت منها! ، لم تكن فكرة محبذة بالنسبة لي أن أعود إلى مكان كنت قد جئت منه للتو.

لا أعلم من قال لي أذهب إلى كوريا الجنوبية ، ولا أعلم لماذا جائت الفكرة إلى رأسي ، كانت الأيام تمشي سريعة علي وكثير من القرارات المهمة التي يجب أن أتخذ قراراً فيها ومن ضمنها أي دولة سأذهب في إجازة أسبوع عيد الأضحى ، كل الذي أتذكره أنني فتحت يوماً حاسوبي وقررت البحث عن رحلة متجهه إلى سيؤول عاصمة كوريا الجنوبية ، كانت الرحلات قليله ، وكلها تمر عبر مدينة دبي ، ليس هناك أي رحلات مباشرة تغادر من السعودية إليها ، بعد محاولات بحث حثيثه حتى أجد رحلة مناسبة لجدول أيام إجازتي ، وجدت رحلة تكون مسارها : المنامة – دبي – سيؤول ، وهي عبر الخطوط الجوية الكورية الذي قررت تجربته في رحلتي هذه ، بعكس تجربتي السيئة التي حدثت معي مع الخطوط السعودية في رحلتي إلى مدريد الأسبانية والتي سأتحدث بها في تدوينة لاحقة.

في يوم الثامن من أغسطس كنت قد وصلت إلى مطار المنامة الدولي حتى أستقل رحلتي المباشرة إلى دبي عبر طيران الخليج ، مطار البحرين ومن حظي أن في هذا العام لوحده جئته لثلاث مرات للسفر ، أصبحت أعرف كل كشك بداخله مالذي يبيعه ويقدمه للزبائن ، المطار قديم وتبدو أعمال التوسعه بجانب المطار التي بدأوها هذا العام ، المطار ليس بالخيار الأول لي ولكن يعطيني بعض الخيارات المناسبة في أوقات الرحلات الصعبة.

وصلت إلى دبي ورغبتي في قضاء ليلة للراحة قبل الذهاب مباشرة إلى سيؤول ، فأمامي رحلة طيران عشر ساعات متواصلة ، كنت مسبقاً قد أستئجرت ليلة في إحدى فنادق شارع الشيخ زايد بالقرب من محطة المترو ، كان قراري الرئيسي في هذه الرحلة أنني لن أقود أي سيارة حتى عودتي ، لهذا حرصت أن يكون الفندق بجوار محطة المترو وهذا يجب أن تأخذه في عين الأعتبار عند ذهابك إلى دبي ، في الصيف الفنادق تكون رخيصة جداً ، السواح لا يحبون القدوم إلى دبي في موسم الصيف الحار جداً ، طبعاً بعد أستيقاظي لليوم التالي كانت رحلة الطيران إلى سيؤول مساءاً في الساعة العاشرة ليلاً.

توجهت مباشرة إلى دبي مول ، الملاذ الآمن من حرارة الجو التي تلتهب صيفاً على ضفاف الخليج العربي ، قمت بزيارة مكتبتي المفضلة المعتاده ، ووجدت أن موقعها قد تغير عن موقعها السابق ، لم أشعر بفرق بالمساحة عن فرعهم السابق إلا إفتقادي للمقهى المطل على النافورة ، والذي كثيراً ما كنت أنزوي و أستظل بهدوءه ومنظره الجميل على برج خليفة والنافورة.

أشتريت بعض الكتب التي كنت أبحث عنها منذ فتره وبعدها أكملت تجولي في دبي مول ، حيث لفتني شيء جديد ..

الذي لفتني في الصورة السابقة هو وجود اللغة الصينية في لوحات السوق الداخلية ، إضافة تدل ع أهمية مستقبل اللغة الصينية على الساحة العالمية ، بدأت أشاهدها بشكل تتكرر معي في أكثر من دولة برؤيتي للوحات تشير باللغة الصينية.

جاء المساء سريعاً قررت التوجه إلى الفندق فقد وضعت أمتعتي عند الأستقبال ، بعدها توجهت مباشرة إلى الصالة رقم 2 ، هناك الصالة رقم 3 وهي المخصصة لطيران الإمارات وهناك الصالة رقم 1 القديمة والتي تستخدم غالباً لطيران فلاي دبي ، أما الصالة 2 تعتبر جيده ، أقل من الصالة 3 وأفضل بكثير من الصالة رقم 1 .

قبل إقلاعنا وفي لحظة إنتظارنا وجدت هذا المسافر معنا إلى كوريا وقد أرتدى الثوب العربي ، أعجبني وقلت له أنه جميل عليك ، أتذكر أنني وجدت عجوز أوروبية في مدينة سالزبورغ العام الفائت ترتدي جلابية عربية ، تلفت عيني مثل هذه المناظر وتسرني كثيراً.

أخيراً جاءت اللحظة التي سأجلس فيها على مقعدي وأتمكن من النوم بعد يومي الذي قضيته في دبي ، وجدت قد وضعوا لي فرشاة أسنان ونعال قطنيه ، لأول مره أجد خطوط طيران تقدم ذلك ، لفته جميله بالإضافة إلى أن الكوري لا يكاد ينهي طعامه حتى يخرج فرشاة أسنانه ويبدأ تنظيف أسنانه حتى لو كان أمام الناس ، لا يستنكرون هذا الفعل.

في الشاشة خط مرسوم يوضح مسار الوجهه ، سنقطع بلاد الهند والصين كاملة حتى نصل إلى شبه الجزيرة الكورية ، تذكرت حينها أنني لم أنظر إلى مكانها في الخريطه قبل أن أنوي السفر ، أيقنت وقتها أن أمامي رحلة طويلة و مملة حتى أصل ، تأكدت أن كتبي التي أود أن أقرأها معي في حقيبتي ، فهي التي ستعيني في هذه الوحدة الموحشة على كرسي الطائرة.

كانت الثانية عشر ظهراً عندما وصلت إلى مطار سيؤول الدولي ، السماء صافية والمطار هاديء .. أستقبلونا فريق يحملون أجهزة تقيس الحرارة وممسحات طبية ، فهم ينظرون إلى منطقة الشرق الأوسط موبوءة بفيروس كورونا والذي يسبب أنفلونزا يقال أن مصدرها من الجِمال.

ولكن قبل ذلك يكون عليك تعبئة نموذج يوجد به أسئلة صحية عن أية أعراض تشعر بها.

من جديد علينا أن نملئ بيانات إفصاح جمركية ، لم يعجبني كثيراً هذا الوقوف المتكرر ، في مغادرتنا كانت الأمور أسهل بكثير من القدوم.

بعد أن أجتزنا التفتيش وأخذ الأمتعة كانت هذه المنطقة التي تستقبلنا قبل خروجنا من المطار ، ولكن قبل هذا فأنا مسبقاً قمت ببعض الحجوزات مثل : 1- شراء شريحة بيانات إنترنت كورية 2- تذكرة قطار من المطار إلى المحطة الكائنة بالقرب من الفندق 3- بطاقة سائح Discover Seoul pass لمدة ثلاثة أيام تسمح لي بالدخول بشكل مجاني لأكثر من خمسين مكان سياحي و بإمكانك أستخدامها كبطاقة للمواصلات.

وكل هذه الحجوزات كنت وضعت أستلامي لها في المطار في نفس التاريخ ، وأفضل المواقع التي وجدتها بعد أن تجولت في أكثر من موقع هو هذا الموقع ( https://www.klook.com/ ).

الصدمة الأولى التي قابلتني في كوريا هي أن الزبائن يقومون بوضع أمتعتهم خارج المطعم ، حيث يمنع إدخالها ، توقفت لحظتها وقمت بتصوير المنظر وأنا لا أصدق ما أراه !

بإمكان أي شخص ما ، أن يأخذ الأمتعة ويسير بها ، كانت هذه بالنسبة لي إشارة قوية على مستوى الأمان الموجود في كوريا .. وهذا فعلاً ما رأيته ، لا أعتقد أن هونج كونج أو كوالالمبور أو جاكرتا وتايلند يوجد بها هذا المستوى الذي أراه حتى أعلى من أوروبا نفسها ، أنبهرت من هذا الأمر في أثناء تجوالي في كوريا.

محطة القطارات موجوده في أسفل المطار ، بقيت منتظراً بعد أن أستلمت تذكرتي المطبوعة والتي أشتريتها مسبقاً

الكوريين يضعون رقم للمقعد في التذكرة وهذا شيء لم أجده في أوروبا.

وصلنا لمحطة القطارات الرئيسية في سيؤول والتي بالمناسبة هي قريبة جداً من مكان الفندق الذي نسكنه ، ذهبنا على أقدامنا حتى وصلنا للفندق ، المنطقة تدعى Myeong-dong وهي تعتبر قلب سيؤول النابض.

قررت الإستراحه في الفندق بعد عناء الرحلة الطويلة ، وفي المساء قررت الخروج قليلاً لأكل وجبة العشاء ورؤية المنطقة المحيطة بي.

بعد البحث عبر جوجل ماب عن أفضل مطعم حلال في منطقة Myeong-dong ، التقييم فوق أربعة نجوم ، وعند دخولي المطعم كان مزدحم ، وأسمه Gurkha Indian Restaurant ، للأسف تجربتي معاهم سيئة في الطعام لا يبدو اللحم قابلاً للأكل ولا الرز لذيذاً ، لم أكمل صحني وخرجت لا زلت جائعاً ، في الآونة الأخيرة أكتشفت أن جوجل ماب بعض التقييمات التي فيه غير واقعيه ، وحتى تجربتي مع أكثر من مطعم هندي في سيؤول لم أجد مطعم واحد أستطيع التوصية به من كل المطاعم الهندية التي زرتها فيها.

في طريق عودتي للفندق عرجت على البقالة وأخذت أيسكريم بعد تجربتي السابقة في المطعم الهندي.

نمت مبكراً ، غداً هو العيد الأضحى ويجب علي الأستيقاظ للذهاب إلى المسجد لإداء صلاة العيد .

المسجد كما يبدو من الخارج لحظة خروج المصلين يوم العيد ، وفي الأسفل صورة تخيلية لما سيكون المسجد عليه بعد إعادة ترميمه على نفقة الحكومة الكورية.

كان الخطيب يتكلم بلغة عربية جيده جداً ، وكانت الجنسية المصرية الأكثر حضوراً من بين جاليات الدول العربية في كوريا ، مشاعر الصلاة والسلام وتبادل التهاني رغم عدم معرفتنا ببعضنا البعض كانت تفوح بالتسامح وتفيض بالطيبة.

بعد نهاية الصلاة كانت لحظات التصوير ، كان هذا الأميز بين الحضور بأرتدائه الثوب العربي مع الشماغ والعقال ، كان الجميع يطلب التصوير معه.

وهنا الناس الغفيرة التي لم تتسع لهم المسجد من الداخل فصلو في الساحات الخارجيه ، لذلك عليك الحضور مبكراً حتى تتمكن من الصلاة داخل المسجد ، تبدو اللوحة في الطرف لمدرسة الأمير سلطان الإسلامية في سيؤل.

الشارع المقابل للمسجد يحتوي على متاجر تبيع أطعمة حلال مثل هذه البقالة.

بعد خروجنا من الصلاة قررنا أن نذهب إلى مطعم تركي بالقرب من المسجد وأسمه Salam ، الفلافل والسلطات والمشاوي كانت كلها لذيذه ، أنصح بالمرور عليه متى ما جئتم بالقرب من منطقة المسجد.

صورة من داخل مطعم سلام

1560 كلمة وصلتها حتى الآن في هذه التدوينة ، سأكمل حديثي عن كوريا الجنوبية في التدوينة القادمة ، لا زال الحديث عنها كثيراً ، و أعتذر إن كانت طويلة ولكن أحتاجت لذلك ، فهي تكاد تكون معدومه عنها التقارير السياحية باللغة العربية ، وهذه من الأشياء التي سأتحدث عنها في التدوينة القادمة.

وفيديو بسيط عملته عن صلاة العيد في سيئول :