
أعتدنا منذ ولادتنا على الإستماع و الإيماء لمن حولنا بالإيحاء بإننا نستمع لهم، فهذا شيء مجبولين عليه فطرياً ، وبسببه يزعم علماء الإنسان بأن الحاسة الوحيدة التي تعمل خلال فترة حياتنا كلها دون أنقطاع هي الأستماع ، فخلال صحوه و نومه ، تبقى شعلة الإستماع متقدّة ، ولكن في ظل هذا الضجيج الذي يُسمع ، هل نسمع إلى أنفسنا؟
في شهر فبراير كان يحدثني صديقي العزيز سلمان عن تجربته مع الصمت والإستماع الداخلي ، فقد قضى 21 يوماً في إحدى مراكز Meditation وكيف كان معزولاً عن العالم الخارجي بعد أن سلم هاتفه وجهازه المحمول إلى إدارة المركز قبل أن ينخرط في أيامه الصامته ويبدأ في جلسات التركيز الداخلي.
كان يقول لي عن صعوبتها وكنت أقول له ، لقد قمت بشيء عصيّ ، لا يمكن لأي أحد فعله ولا أتخيل نفسي أقوم بما قمت به ! ، كيف لكل الضوضاء فجأة أن تختفي ، وكيف تبقى مستمعاً لصوتك الداخلي لفترات طويلة ؟ لم أعلم بإنني ومليارات من البشر سوف نعيش هذه التجربة من غير رغبة وأرادة منا بعد أسابيع لاحقة.
مرت أكثر من شهرين منذ تحول عملي إلى الشكل المنزلي ، وللمدارس والجامعات ثلاثة أشهر ، فترة طويلة من التجربة القاسية التي مر بها صديقي سلمان بإختياره ، ولكنها مفروضة علينا جميعاً الآن من أجل سلامتنا الجسدية ، ولكن ماذا عن سلامتنا النفسية والعقلية ؟
هل سنتأثر بهذه العزلة و المحاولة البائسة للعيش بالبقاء وحدنا ، والتي تهدف إلى تقليل إحتكاك بالناس إلى أقل مقدار ممكن لمنع أنتقال الفيروس.
أرتبط بشكل وثيق حالة سماع الأصوات الداخلية إلى الإشارة إلى الإضطراب الذهاني و المتعلق بالهلوسة ، لكن هل هناك فعلاً صوت داخلي وله دبيب بداخلنا؟
ماهي نغمته؟ ومتى أكون في حالة مرضية؟
إحدى الإستطلاعات التي قامت بسؤال الناس عن سماعهم لإصواتهم الداخلية والنتيجة كانت 39% كانوا يسمعون أصوات أفكارهم ، 13 % من الأرامل الرجال والنساء كانوا يسمعون أصوات أزواجهم ، وعند سؤالهم هل تعتقدون بإحتياجكم لعلاج؟ قالوا لا.
يحكى أن أحد أفراد الهنود الحمر قال لحفيده ” يا أبني هناك معركة في دواخلنا بين ذئبين ، أحدهما شرير يحمل بداخلك الغضب و الغيرة والحسد والجشع والأستياء والتكبر ، أما الذئب الأخر فهو الخير ويحمل بداخلك الفرح والسلام والتعاطف والأمل والصدق ، فكّر الحفيد وسأل ، من سيفوز يا جدي؟ رد عليه من ستطعمه يفوز.
في القصة السابقة أعتقد من ستسمع له هو من سيفوز ، هو التعبير المجازي للقصة ، ولكن كيف نستمع لأنفسنا ؟ ماهي تجربتنا خلال هذه العزلة؟
عن نفسي فقد أبتعت دفاتر وأقلام ، وأصبحت بشكل يومي ولمدة لاتقل عن ثلاث ساعات من الخربشة ( Doodling )
فكرت بوضع صور منها ولكن كانت عشوائية وليست محددة ولا أعلم ربما في وقت لاحق أستعرض شيء منها ، ولكنها كانت تجربة مذهلة لي ، يعتمد على هذه الطريقة وينصح بالقيام بها الكثير من علماء النفس للتعرف على الصوت الداخلي ، وجدت صوتي الداخلي عند قيامي بالخربشة بالقلم والرسم بشكل عشوائي.
هل منكم خصص وقت أو حتى فكر بسماع صوته الداخلي خلال هذه الفترة؟
سبق وقرأت تجارب لأشخاص مختلفين عن تجربة الصمت والسكون أو الصوت الداخلي أو العزلة أو الصيام الروحي أو الصيام عن الكلام
جميعهم اتفقوا أنها تجربة روحية فريدة قوية تحدث نقلة للإنسان
أكثر ما أحبه في هذه الممارسات هو الصفاء والاختلاء من اي شيء و الخفة والاتساع تشعر بأنك متسع لكل شيء
بالنسبة لي كوني( أم )مقدر أمارس هالشيء لساعات أو أيام
لكن مارست في هذي الفترة التأمل اسمع مقاطع لأشخاص وأعيش معها وفيها استرخاء يعني الموضوع يأخذ أقل من ساعة وفائدتها تظهر بالاستمرار كل يوم كل يوم كل يوم أمارس التأمل
ويختلف عن الصمت لاني افكر واتخيل واسمع
وبعد حابة أذكر تجربة بإذن الله نفسي أجربها تناسب اللي وده يجرب او المبتدئين تخص الصمت والسكون ذكرتها الدكتورة سمية الناصر وأعجبتني اكتبوا بالبحث بحسابها بتويتر وتظهر التغريدات فكرتها عن صمت مدة ساعة بس كل يوم تضيف شيء على هذا الصمت تركز عليه
انصدمت انه فيه ناس ماقدرت تكمل ساعه فكيف ناس ماشاءالله صمتوا لأيام طوييلة مو ساعة
إعجابLiked by 2 people
أهلاً بشائر ، الصيام عملية صعبة ، هل فكرتي كيف صعوبة النوم بدون هاتف ؟ أن تطفأ النور وتنتظر النوم أن يجثم عليك؟
كيف مثل هذه الساعة صعبة؟ لماذا الكثير يشتكي من تلك الأفكار التي تأتيه في تلك اللحظات التي ينتظر فيها النوم ! الا تشبه الصيام والصمت؟
شكراً بشائر ، تحياتي لك.
إعجابإعجاب
أعتقد أن صوتي الداخلي يرافقني دومًا كصديقي الحميم، بالطبع يكون حضوره في أوقات أكثر من أخرى، لكنني أنزعج إذا ما مرت ساعات طويلة مثلًا ولم استطع أن اختلي مع نفسي قليلًا لاسمعها بعيدًا عن صوت الآخرين.
أمارس الكتابة للتفريغ كذلك وأجدها تنظم أفكاري وتكشف عن أخرى.
أخ يزيد لدي طلب بعد إذنك: هل يمكنك الكتابة في المدونة أكثر؟ عدا عن الرسائل المجهولة التي تنشرها كل فترة، لأننا نحب القراءة لك.
وكل الشكر لك دومًا كالمعتاد.
إعجابLiked by 3 people
أجمل كلام قلتيه هو الكتابة ، لم تأتي على بالي ، ولا أعلم لماذا ! ، حقيقة أن الكتابة هو سماع الصوت الداخلي، هذه حقيقة أؤمن بها تماماً.
سألبي طلبك بالتأكيد وسأعود أكتب بشكل أكثر ، الآن أقرأ كتاب العادات الذرية ، بسبب أنني أجد نفسي أنشغل كثيراً عن الكتابة في المدونة كما أعتدت سابقاً ، شكراً على طلبك وكلماتك، آثرت فيني فعلاً.
تحياتي لك نوّارة 🌹
إعجابLiked by 1 person
امتناني الجزيل أخ يزيد☘
إعجابإعجاب
مرَّت فترة طويلة كنت قد ظننت فيها بأن صوتي الداخلي هو الذي أودى بي لكثير من الأخطاء ، و دلَّني على كثير من التصرفات التي لم أفكِّر بها كثيرًا كالعادة ، و في هذا مطلع هذا العام تحديدًا في شهر فبراير و رغم أن الوضع الذي سيطر على العالم العربي بسبب الفيروس كان بعد فبراير ، على أيَّة حال أدركت أن صوتي الداخلي منقسم كأي إنسان تمامًا كما في القصة التي ذكرتها ، كنتُ أستمع لأي صوت و أمشي دون هدى ، و لهذا كانت كمية التشتت أكبر .
و الآن يمكنني ن أقول بأنني عدت لسماع صوت نفسي بحذر ، بشيء من السكينة ، بعيدًا عن التعصُّب للأفكار ، بدأتُ شعر بشيء مسالم يجول بداخلي ، روحي تخف ، و أصبحت أكثر هدوءًا و رضا ، العزلة مفيدة كثيرًا و ضرورية ، و لكن _ كالعادة _ يجب أن لا تستغرق وقتًا طويلًا كي لا تتحول إلى وحدة خانقة و وحشة كئيبة .شكرًا يزيد على التدوينة الجميلة ، و أضمُّ صوتي لصوت نوَّار ” دوِّن أكثر ” يعجبنا اسلوبك .🤞
و دمتَ بخير و صحة.
إعجابLiked by 2 people
جميل ، فقد كنتي تستطعين سماع الصوت الداخلي ، وفوق هذا كان بإمكانك تمييزه 👍
المشكلة أن الصوت الداخلي أظنه خليط مع الخلفية التاريخية الخاصة بكل أنسان ، بما يحويه من أحزان وأفراح وتجارب جميلة وصعبة ، فتسيطر على عقل هذا الصوت ، فيصبح هو صوت الزمن ، صوت الأحداث الماضية ، صوت الخوف ، صوت الألم ، كل تلك المرارة التي لا يريد منك تكرارها من جديد ..
قرأت في مكان ما ، أن الهدف من الموسيقى هو أن تسمع صوتك من خلالها !
شكراً أسماء ، سأكتب أكثر من أجلكم ..حق علي تلبية نداءكم.
تحياتي لك
إعجابLiked by 1 person
تدوينة جميلة ..
أستمع إليه عادةً .. لأني غالباً ما أكون في محاولة للتواصل مع نفسي و فهم خباياها !
دمتَ بخير
إعجابإعجاب
شكراً فيوليت ، سعيد بوجودك في صفحتي.
ودمتي بخير إيضاً.
إعجابLiked by 1 person
دائما أتحدث مع نفسي ومع الشخصيات الكثيرة المتناقضة التي تمتلئ بعقلي، لا أدري إن كانت هي ضمن الصوت الداخلي أم لا، شاركنا الصور التي تجد ان لا بأس بمشاركتها، بارك الله بك
تدوينة مميزة
إعجابLiked by 2 people
الاحاديث ، ومهارة الإستماع ، والطمأنينة لما نسمعه .. هذه الثلاثة أشياء.
سأشارك الصور في الفترة القادمة .. شكراً لك.
إعجابإعجاب
تدوينة في وقتها، شكرا يزيد.
هذه الأيام محاولاتي بالتواصل مع الداخل خلال أمرين؛ الأول يوقا مع أدريان (YouTube channel: yoga with Adrian)، لم اكن اتخيل يوما أني سأستمر بالحضور ثلاثين يوما لنصف ساعة يوميا، استغرقت الرحلة ٣٣ يوما، وعلمتني الكثير وأهمه: كيف اتعامل معي بلطف أكثر وتقبل للأيام التي لم استطع القيام بها، ساعدتني على رصد وتهدئة الجلاد الذي بداخلي وسماع الصوت الآخر، وإطعام الذئب الطيب.
الأمر الآخر كان التأمل وحضور كورسات في تطبيق insight timer احد أجمل تطبيقات التأمل التي مرت علي، تطبيق متنوع وثري ويستحق التجربة. قد اكتب عنهما لاحقًا.
شكرًا مجددا على التدوينة و التعليقات، كلاهما كانت قراءتها ممتعة ومثرية.
إعجابإعجاب
أهلاً ، أصبحت مفردة اليوقا تتكرر أمامي كثيراً سواء في البيت أو بين الأصدقاء ، أفكر في تجربتها عما قريب ، ومتشوق لقراءة تجربتك عن التطبيق ، العفو يا أستاذة ريم.
تحياتي لك
إعجابإعجاب
منذ بداية الأزمة بدأت أدون ورقيا وأتأمل الحياة من هذا المنظور المختلف علينا جميعا.. بكل صدق سماعي لصوت أفكاري ومشاعري خفف علي الكثير. تدوينة جميلة يزيد شكرا لك
إعجابLiked by 1 person
الكتابة هذا الشيء الذي نسيت ذكره في التدوينة ، هو إحدى وسائل التواصل مع الصوت الداخلي ، يبدو مرحلة التوتر التي كنت أعيشها في الفترة الماضية هي أبتعادي عن الكتابة.
شكراً أروى على وجودك هنا.
إعجابإعجاب