بداية هذا العام ، عندما نشرت رغبتي بأستقبال رسائلكم ، لم يتوقف صندوق رسائلي عن أستقبال الرسائل من أنحاء الأرض المعمورة ، ولكن كانت هناك رسائل لم أستطع القيام بالرد عليها ووضعها في المدونة وكانت غالباً ما تكون تساؤلات عامة تخص الأعمال ولكن في الفترة الأخيرة زادت الرسائل والأسئلة ، أعتقد من المفيد لي و للجميع بالكتابة عن بعض المهارات والفوائد التي تساعد الجميع ، سأخرج عن مساري المعتاد في التدوينات لأكتب عن الأعمال بشكل عام ، ربما خمس تدوينات أو سبعة ثم أتوقف وأعود لتفآريقي التي اعتدتم عليها من السفر والخواطر واليوميات والكتب ، سأرى كيف تصبح الأحوال مع تدوينات الأعمال ! فقد أكملت ما يزيد عن عشرة أعوام في حياتي المهنية ، أعتقد أنني أستطيع سرد بعض الملاحظات التي يجب أن يفهمها كل شخص يعمل ، أو يخطط العمل في المستقبل.


في البدء ، الوقت هو أثمن ما تملكه ، لا يوجد شيء يعادل خسارتك من الوقت ، فكر بهذه الطريقة منذ قراءتك هذه الأحرف حتى نهاية حياتك ، لا شيء يعادل بقيمته ، كقيمة الوقت ، هذا أعظم درس تعلمته في حياتي ، ومع هذا يجب أن نتعامل معه بحذر وأن لا يكون دافعاً لنا للتسرع والقيام بأعمال متهورة تجعلنا نخسر كل الأوقات الفائتة التي قضيتها في بناء ما تبنيه ، لو ركزت على مدونتي لوجدت أن كل عام وفي بدايته أضع تدوينات تنوه عن الوقت والأهداف بشكل محدد ، أو طريق اريد انتهاجه بإحساس مسبق عن قيمة الوقت.

لكن كيف نشعر بقيمة الوقت؟ خصوصاً وأنت ترى العالم من حولك ، تشعر أنه ضائع لا يقدر مقدار قيمة الوقت المهدور ، من الصعب أن تقيد نفسك وأنت ترى تلك المشاعر التي تتسرب بلا مبالاة نحو الوقت ، عندما وضعت ركن العمل في المنزل كان الكثير يسألني لماذا؟ يبدي أستغرابه أنني أعمل بشكل خاص ، خارج أوقات العمل ، يستغرب أنني أجلس حتى أكتب وأدون وأطور من ذاتي! ، هذه الأعمال لا يراها في عالمه وما تربى عليها ، قبل عدة سنوات قضيت فترة في ألمانيا من أجل العمل و كنت محظوظاً بما فيه الكفاية برؤيتي كيف طريقة تعامل الألمان مع الوقت ، و لا أخفي أستفادتي من نظرتهم حول الوقت + المال + العمل وفي هذه التدوينة سأشير من فهمي لمعنى الوقت ، كان أهم ما لفت نظري لحظة بدء إجازة نهاية الأسبوع وتدافع الناس للخروج من أعمالهم ، يوم الأحد هو يوم مغلق بالكامل ، لا وجود للعمل ، متاجر الأغذية معظمها مغلقة ، لا أجد إلا متجر أو أثنين ، المخبز يعمل ساعتين في صباح الأحد ثم يغلق ، بعضهم يذهب للعب كورة القدم ، كورة اليد ، ركوب الخيل ، الجميع لديه هوايات ، نشاطات ينتظر بفارغ الصبر نهاية الأسبوع حتى يقوم بها ، بل أن المقاهي غالباً ما تكون مغلقة إلا من يقرر منهم أن يفتح ويعمل ، ولكن هذا يوم الأحد ، تتوقف الأنشطة التجارية ، كنت أقارن بين هذا و بين البلدان العربية التي لا تغلق أبداً متاجرها طوال الأسبوع و أحياناً يجعلونها تعمل ما وراء منتصف الليل ، أقول لنفسي مهد النظريات الصناعية والأقتصادية وينظرون بشكل معتدل نحو الأعمال ، عندما بدأت تدوينتي لربما أعتقد القاريء أنني أقصد بالوقت كما أعتاد الناصحون حول العمل والأعمال ، أن يقضي الشخص طوال أيامه منهكاً بالعمل! هذا ما لا أقصده ، ولم أراه في أثناء عملي في ألمانيا ، ولكن ملاحظتي عليهم أنهم كانوا يقومون بتوزيع أوقاتهم بين خمسة أشياء رئيسية ، النوم بكل تأكيد ، تناول الطعام ، العمل ، الراحة ، وقت التطوير ، سأشرح كل واحدة منها :

1- النوم : أحرص أن تنام بمعدل ثمان ساعات يومياً ، تأكد أن عدد ساعاتك اليومية لا تقل عن هذا المعدل بفارق كبير ، أحياناً قد تكون مؤشر لمشاكل صحية أو نفسية لديك ، بالإضافة أن لا يزداد بشكل مبالغ هذا الوقت عن الثمان الساعات ، كنت في وقت ما ، أنام بمعدل 10 ساعات ، وأحياناً أحدى عشر ساعة ، أستطعت التخلص عبر عملية أنضباطية ترتكز على وضع منبه الساعة كل يوم لمدة ثمان ساعات ، فعندما أنام الثامنة ليلاً يجب أن أستيقظ الرابعة فجراً حتى لو لم يكن عندي أي عمل سأقوم به ، أذهب إلى التلفاز وأفتح أي قناة وأقوم بالمشاهدة ، أستمرت معي عدة أشهر حتى أستطعت من دون منبه أن أستيقظ عندما أكمل الثمان الساعات.

 

 

2- تناول الطعام : يجب أن تعتاد على تناول الطعام مع الأصدقاء أو العائلة بشكل يومي وأن تكون عادة تناول الطعام هي فرصة أجتماعية للتواصل مع الأخرين ، هي فرصة جميلة وذكية للقيام بمهمتين في وقت واحد!

 

 

3- العمل : حسناً ، هنا نتحدث دائماً عن المعدل الطبيعي ، ربما كانت هناك أوقات تحتاج أن تعمل أكثر من سبع ساعات يومياً ، وهو بالمناسبة المعدل الأوروبي ، وعندما نعني عن سبع ساعات ، فهي فعلياً سبع ساعات من العمل الذي لا يتخلله جلسات قهوة أو خروج من العمل والعودة له ، وقت يخصص بالكامل للعمل ، وأن كان المكان الذي تعمل فيه لا يوجد ما تفعله أكثر من أربع أو خمس ساعات ، عليك القيام بعمل أخر مرتبط بالعمل ، قراءة كتاب عن العمل ، القيام بالتدريب للأشخاص الأخرين ، عمل دراسات عن العمل ، هنا يقصد أن تكون متصلاً بعقلك مع العمل لمدة سبع ساعات ، يجب أن نلتزم بهذا الوقت طوال أيام خمسة أيام العمل حتى نحقق النجاح.

 

 

4- الراحة : لا تعني هو أن لا تعمل بشيء ، ليس الفراغ الذي لا له شكل محدد ، الراحة هنا تعني وجود هدف من قيامك بأي شيء ، حتى مجرد الأستلقاء على الأريكة ، معنى ذلك هو أن تغلق أجهزتك الذكية وتبدأ رحلة من الراحة بعد عناء يوم متعب لك ، أسوأ ما تقوم به هو أن تستلقي للتصفح عبر الأجهزة الذكية لتستقبل كل تلك الأخبار السلبية ، فأن لا تقوم بالراحة بمعناها الصحيح ، لهذا قلت في البداية عليك أن تكون واضح وتسأل نفسك ، هل أنا مرتاح ؟ أقرأ كتاب بموضوع تحبه ، رواية مسلية ، عمل بطيء مثل الرسم والكتابة ، يوقا ، رياضتك اليومية ، القيام بتجربة وجبة صحية جديدة ، تعلم شيء جديد ، حتى أن عمل التطوع والمشاريع الجماعية تصنف ضمن أوقات الراحة ، لأنه عمل يبعث الراحة ، فلفظ الراحة هنا يقصد ما يبعث الأرتياح ، أعتقد الأمر واضح لديك الآن.

 

 

5- وقت التطوير: ساعة يومياً كافية جداً لصنع شخص جديد منك بعد مرور عام واحد ، من المهم ، القيام بهذه النقطة وبشكل أساسي ، لأنها أحد أهم أسباب بقاءك على الحياة ، وبقاء عقلك بمستوى نشط ، أن تتعلم مهارات جديدة حتى لو كنت لا تحبها ، مثل تعلم لغة جديدة ، ولكنك ستحتاجها ، تعلم الأعمال المنزلية ، أي مهارة أو موضوع تخصصه بشكل جدي سواء أستماع بالبودكاست ، أو حضور الدورات في مواقع المصادر المفتوحة للتعليم ، المهم أن تبقى عقلك نشيطاً عبر التطوير حتى لو كان هذا الأمر قسرياً ، فهو مثل العلاج الذي لا تستيغ طعمه ولكنك تأخذه من أجل أن ينقذك ، الحياة في القرن الواحد والعشرون لم تعد كما كانت في القرون السابقة ، أصبحت المهارات أشياء أساسية كي تستطيع العيش.

 


 

في حال قرار إلتزامك بالتقسيمات السابقة ستكون هي الجذور الخمسة التي تبني عليها شجرة حياتك ، نقصان أي جذر منها ، معناها هناك خلل سيعيق نمو الشجرة ، ربما لن تراها مزهرة !