وقبل أن نفهم الأعمال ، علينا أن نفهم الوسط الذي تعيش فيه الأعمال وهي’’ الرأس مالية ‘‘ ، فلا يعقل أن نشرح الأعمال ولم نشرح بيئتها ! ، والتي بدأت مؤخراً وبشكل متواضع بإدراكي بإن الرأس مالية لها فضل كبير علينا في تغيير بعض المفاهيم ، حيث لم يعد ما نعرفه حول ” الوقت ” و العمل و الإنتاجية ، كما كان ، بل أعاد تعريف الأشياء من جديد وجعلها تخرج بشكل مقبول وعادل يضمن حصص الناس و حقوقها رغم الإتهامات و الشائعات المستمرة حولها ، والتي بنظري ليست سوى النظر إلى الجانب الفارغ من الكأس ، و أرتدادات تسري علينا كلنا ، هنا أقول أرتدادات قبل الفاصلة بدلاً من كلمة جوانب مضرة وذلك لإن هذه الأشياء المقترنة والتي تصيبنا ، ما نظنه ” مُضِرْ ” قد يكون جيد ، الا يكفي كونه سبباً يدفعنا لطلب التحسّن إلى الأفضل. ألم يختفي الفقر بشكله القديم ، وأصبح مفهوم الفقر لدينا مختلف؟ ألم يصبح الشخص الذي لديه مايكفيه من طعام وآمان ، لم يعد بالنسبة للمجتمع شيء كافياً ليطلق عليه غني؟ ، فكر بأمثلة من حولك ، لا أحد يموت من الجوع ، إذاً أختفى الفقر ، وأصبحت البنوك آمنة ، والمواصلات آمنة ، يحمل كل شخص بطاقات تحمل فيها أرقام أئتمانية ، ونتبادل الأموال بناء على الثقة حتى قبل أن نستقبل ما شتريناه ، لو قلت لشخص ما قبل عشرين عام أعطني عشرة الأف دولار وسأرسل ثلاجة لمنزلك ، سيتوقع وقتها أنك مخادع تريد سرقته أما الآن نرسل أموالنا لمكاتب في هونج كونغ و ودهاليز بكين ومكاتب نيويورك ولندن ، ونحن مطمئنين أن ما أشتريناه سيصل إلينا بأمان حتى لو تأخر عدة أسابيع ، لذلك علينا إدراك أولاً أن مفاهيم مثل الأمان ، الغذاء ، المسكن ، بعد ولوج الرأس مالية إلى عالمنا قد تغيرت تماماً.

  لذلك علينا أن ندين بحياتنا الحالية ومستوى العيش إلى الرأس مالية مقارنة بالشيوعية ، الإشتراكية  ، فالأخيرتين فشلتا بظهور مجاعات في الدول التي أعتمدت هذين النظامين ، فقد عانوا مجتمعات شيوعية مثل السوفييت من مجاعات ومثلهم الصين وكوريا الشمالية ’’ بعكس شقيقتها الجنوبية المقتدية بالمثال الرأس مالي و التي تعيش زهو أقتصادي ورغد من العيش ‘‘ ، بينما نجد مجتمعات أخرى تنعدم فيها المجاعات مثل أمريكا وأوروبا وحتى دول الخليج التي أعتمدت نوع ما ، النظام الرأس مالي ، نعيش بفضله في مجتمع لا يوجد فيه من يموتون من الجوع ! بل تلك الدول ترتقي في أنظمتها الصحية وجودة الحياة ، فالرأس مالية تنتج أشياء كثيرة جيدة للبشرية ، يكفي أن عدد سكان هذا الكوكب الأزرق تضاعف خمس مرات عن ما قبل خمسين عاماً ، رغم ذلك يوجد إتهام يتكرر بشكل مستمر بإن الرأس مالية تعزز الفردانية التي ينبذ الكثيرون النظام بسببها ، فهي تعزز الجانب الفردي في المجتمع وتهمل التساوي في المجتمع ، لست بهذه التدوينة لي نية بتفنيد أو حتى مناقشة الإتهامات ، فنيتي هي ما بدأتها بالحديث عن الأعمال.

 

 

ليسهل علينا تعريف مصطلح ’’ الأعمال ‘‘ وماذا تعنيه عبر طرح سؤال بسيط ومحاولة الإجابة عليه :هل عملك له فائدة للأخرين ؟ ذو قيمة مضافة لهم ؟ 

الأعمال في حقيقة الأمر هي عمل أجتماعي ’’ بحت تماماً ‘‘ حيث يتعلق بالأخرين وليس بك ، فإن ما تفعله ، هو في الحقيقة تقديم للأخرين ، حتى أبسط الأعمال الشخصية مثل عمل تسريح لشعر رأسك وقصه وتشذيبه في الحقيقة أنك تقومه من أجل الأخرين ، لذلك ربما يعتبر هذا جواب للأتهام السابق ذكره بإن الرأس مالية فردانية ، ولكن في جوهر الأعمال عندما نعرفها على حقيقتها فهي إجتماعية ؛وهذا ما يدهشنا في الرأس مالية بحد ذاتها ، لهذا نجد الأعمال تكون ناجحة بناء على مقاييس الآخرين ، فكل عمل تقوم به يمكّن من مساعدة الناس في حياتهم هو في الحقيقة عمل أكتملت فيه شروط النجاح كلها لذلك الرأس مالية يجب أن ننظر لها بإنها أجتماعية تعتمد فيها على الأخرين ، وهي رضا الناس عن عملك ، أليس الأمر بسيطاً؟


ولكن ما قيمة الأعمال لأنفسنا ؟ – في التدوينة القادمة