اليوم الثالث لوصولي إلى باريس كان يصادف عيد الأضحى المبارك ، والجميل أن يوم العيد في فرنسا قد توافق مع أغلب الدول العربية ، لذلك قررت تأدية صلاة العيد ومشاركة المسلمين فيه فرحة العيد ، في زيارتي السابقة لباريس في عام 2014 قد زرت مسجد ( great mosque of Créteil ) ولفتتني مساحته الكبيرة وحداثة المبنى ..
ولكن هذه المرة قررت الذهاب إلى مسجد آخر وهو Grande Mosquée de Paris وهو مختلف عن المسجد السابق حيث أنه يعتبر من أوائل المساجد في باريس ، فقد تأسس بداية من عام 1920 م بعد موافقة البرلمان الفرنسي على تمويله والشروع في بناءه ..

Grande Mosquée de Paris
المسجد كما هو بالداخل بتصميمه القديم و بأعمدته المتقاربة فيما بينها التي لا تعطي مساحه كبيرة كما هي حال المساجد الحديثة مثل المسجد السابق .. الخطبة كانت باللغة العربية وبعدها كانت باللغة بالفرنسية بحكم أن هناك مجموعة كبيرة من المصلين لا يجيدون العربية ..

منبر الإمام هدية من ملك مصر فؤاد الأول في عام 1347 هجري 1929 م
المصلين ملئوا حتى الساحة الخارجية للمسجد والحديقة الخارجية ..
ماشاء الله كمية حضور مهيبة للصلاة من جميع الجنسيات و الأعراق التي وحدتها ديانة الإسلام هنا في بلاد الغربة ..

أعجبتني لوحة صحيفة المسجد و الأعتماد على اللغة العربية.

لحظة خروجنا من المسجد بعد أنتهائنا من خطبة وصلاة العيد
الجميل بعد أنتهائنا من الخطبة هي لحظة الألفة والتلاحم مع من حولي حيث تبادلنا السلام والتباريك بالعيد ولم أشعر بالغربة وأنا بالمسجد معهم ، الكل يشعر بالآخر هنا .. كانت تجربة جميلة بصراحة في هذا المسجد ..
صورة من الشارع حيث يعج بالناس بعد أنقضاء الصلاة والتوقف لألتقاط الصور التذكارية بعد العيد ، الكل مزهو وفرح بهذه اللحظات.
أقتنصت تواجدي بالذهاب إلى مكتبة البستان وهي أمام الجامع الكبير ، فكنت أرغب برؤية طابع مكتباتهم ..

مجموعة من الكتب المعروضة بداخل مكتبة البستان في باريس

من داخل مكتبة البستان
كانت هذه المكتبة الوحيدة المفتوحة للأسف بسبب يوم العيد ، فجميع المكتبات الأخرى التي وضعت زيارتها يوم العيد وجدتها مقفلة .. لهذا قررت الذهاب بعدها إلى قصر فرساي ، كنت متردداً في زيارته ولكن بسبب إغلاق المكتبات قررت الذهاب له ..
وبعد مسير بالسيارة تقارب الساعة حتى وصلنا إلى قصر فرساي الذي يقع خارج باريس ، وسبب وقوع القصر بعيداً هو رغبة الملك لويس الرابع العشر بمكان هاديء عن صخب باريس حتى يستجم ، وهو شهد الكثير من الأحداث التاريخية وكان أبرزها الثورة الفرنسية.
أترون تكوّم الناس في الجانب الأيمن للصورة ؟ هنا يبدأ الطابور للدخول إلى المتحف ، شيء جنوني هذا الأزدحام ، يقارب الأزدحام لمتحف اللوفر ، كنت سأتراجع لولا بعد المسافة وعدم وجود خطة بديلة جاهزة وبصراحة لم أسأل عن قصر فرساي كثيراً كانت شهرته طاغية ، لهذا قررت الذهاب لشراء التذاكر والدخول ..
لشراء التذاكر كل ماعليك هو تواجد بطاقة الماستر كارد ، الحمدلله لم يكن هناك أزدحام وهذا ما أكره على فكرة.
بعد الإنتظار بدأت أرى أسوار القصر الذهبية والتي تبين مدى فخامة القصر بالرغم من عمره القديم والذي يتجاوز الأربع مئة عام
عندما دخلت إلى ساحة القصر رأيت مدى البذخ في الجمال والفن بداخل القصر
القصر من الداخل ، دهشت كثيراً وأنا أرى الرخام وكمية الجمال في هذه القاعة ، توقفت لأخذ صورة لها
هناك الكثير من غرف النوم بالقصر وتبرز أناقة الفرنسيين منذ ذلك الوقت.

القصر لم يعجبني ، وقد صدمت بذلك بسبب شهرته الحاغية ، فكثير من أجزاءه مغلقة ولا أعلم ما السبب حتى أنني سألت أحد العاملين وقال لي نعم هذا القصر فقط ، دهشت من صغر المساحة المعروضه للزوار ، لم يوازي سعره الباهض والذي دفعته من أجل تذاكر الدخول .. كانت هناك حديقة للقصر ولكن لا شيء مميز بداخل القصر ، لا لوحات فنية ولا تحف ، الشيء الوحيد هو المبنى بحد ذاته وهو لا يعادل قيمة التذكرة أو حتى وقت الأنتظار الذي أستغرقته حتى دخلت المتحف ، من كثر شعوري بالأحباط دخلت على صفحة المتحف في جوجل وقمت بكتابة توصية بعدم زيارة المتحف ، فهو لايستحق الزيارة ، هناك الكثير من الأماكن البديلة في باريس وهي أفضل منها.
الحديقة والتي دفعت مبلغ أضافي حتى أدخلها ، هل ترون شيء مميز فيها ؟ حديقة دبي العالمية للزهور أفضل منها !
إطلالة غرفتي بالفندق في الصورة التالية أفضل من المنظر السابق ، أتشعرون أنني منقهر قليلاً ؟ ههههه
اليوم التالي كانت الوجهه إلى شارع التسوق Rue Royale بوسط باريس وبدأت بالسير في الشوارع المحيطة حولها والمليئة بمتاجر التسوق المختلفة والمتنوعة ومن ضمنها شارع Rue de Rivoli
بعد الزيارة التي لم أتوقع أن تأخذ كل مني هذا الوقت في التسوق ، ذهبت بعدها إلى معهد العالم العربي والذي أستنشقت فيه شيء من روحي بداخله ، عندما بدأت بالتجول فيه ملأ صدري بالسعادة بوجود عبق عربي دافئ في هذه الأراضي الباردة.
معهد العالم العربي كما يبدو من الخارج ، بني بالكامل من الخارج من الزجاج ولكن بالنقش الأسلامي ، وهذا بعد أنتهاء أعمال التجديد في عام 2012 بعد دعم مالي مميز من السعودية والكويت .
لوحة بخارج المعهد وتظهر حجم الفعاليات والنشاطات الموجودة في المعهد ، والذي لم يخيب رجائي ، فقد كان المتحف أكثر من رائع ، وأنصح العرب بزيارته ودعمه بالحضور وشراء التذاكر منه ، كل الزوار الذين رأيتهم هم فرنسيين أو من دول أسيوية ، لم أرى أي عربي سوى العاملين في المعهد !
تذكرة الدخول ثمانية يورو للشخص الواحد وهي من أرخص التذاكر التي رأيتها للمتاحف في أوروبا ، وهذا الشيء يحسب لإدارة المعهد لتحفيز الزيارة.
أخيراً رأيت مطوية عربية في متحف ، حديثي عن اللغة العربية دائماً يصاحبه أنين عندما أستذكره ، لدي تدوينه عن اللغة العربية منذ أكثر من ثلاث سنوات وأتردد في كتابته ، خوفاً من حجم الموضوع ، فهو محزن للأسف ما وصلنا له من حالة أهمال للغة العربية ، لا أريد الخروج من اطار التدوينة ولكن لي حديث متشعب عن اللغة بشكل عام والعربية بشكل خاص.
يبدأ المتحف بشرح مسمى العالم العربي للزوار الأوروبيين ، ويتحدث عن تأثير الأسلام في تطوير هذا الجزء من العالم.

معروضات وكتابات أغريقية تتحدث عن الزراعة في المنطقة العربية.

وكأنني في منزلي ، توقفت لأصور هؤلاء الواقفين على المعروضات من تاريخنا العربي ، كنت سعيد بتوقفهم وتأملهم لقراءة تاريخنا ، لهذا أحببت ألتقاط الصورة للواقفين.

المتحف يزخر بكثير من المعروضات التي تستحق كل قطعة منها الوقوف عندها وقراءة تاريخها ، المتحف جميل بطريقة عرضة الذي يشعرك بعالم من ثلاثي الأبعاد في طريقة إبرازه للمعروضات.
وللوحات الحديثة لها مكان في المعرض ، فهناك الكثير من اللوحات لرسامين شباب والتي تبرز المفهوم العربي الحديث للعالم الآن.
و بالطبع كان للخط العربي مكان في هذا المعرض ، فالخط العربي مصدر ألهام جمالي.
وخصص جزء في المعرض للصور الفوتوغرافية الحديثة لأعمال بعض المصورين العرب الشباب.
وقبل أن أخرج من المتحف لم أشعر إلا بقدمي تدلف إلى المكتبة الخاصة بالمتحف وشراء الكتاب الخاص بالمتحف لشرح المعروضات باللغة العربية.
أجمل مافي الكتبة وفرتها بالكتب العربية والتي لم أتوقع برؤية كل هذا الزخم من الكتب المعروضة لديهم ، فهي تنافس مكتبات كبرى لدينا في الخليج ، قضيت وقت طويل وأنا أتمشى في ممرات المكتبة ..
هنا رابط معهد العالم العربي : https://www.imarabe.org/ar
المتحف أنصح بزيارته للجميع ، هي فرصة لدعم المتحف وأن يبقى نشط في عمله ، ونحن العرب خصوصاً نحتاج أن نرى ونقرأ تاريخنا ، ففي النهاية هي رحلة سياحية ..
لم أنتهي من تدويناتي السياحية لهذا العام ، ستكون لي تكملة بإذن الله.
Tagged: فرنسا, مواضيع سفر, مدونة رحلات, مسافرون, باريس, تقرير, رحلتي, سفر