في البداية لا أخفي كرهي لعملية تصوير الذات المادية.
قد أكون سهلاً معك بتوصيف ذاتي و تقلبات روحي من أعماق أعاصير الأفكار التي تلوج بي من خلال الكتابة ، ولكن مسألة أن أقوم بتصوير نفسي على سبيل المثال و نشرها عبر وسائل التواصل هي قضية مرفوضه و خاسرة عندي بمجرد طرحها على طاولة رغبات الذات !
( لا أجد متعة في تصوير الأشياء المادية ، بينما العكس تجدني أغرق في تصوير الأحرف التي تحاكي الروح )
- أهم ما أكتشفته في رحلة الذات العميقة التي عزلت نفسي فيها بعام 2015 ( هنا ) هو تصنيف ذاتي إلى إنسان غارق بالروح لذلك لا تهز نفسي كأس مزينه بنقوش إن كانت ستسقيني علقماً ، ولا ترف عيني لمجرد أضواء باهرة لمبني حديث إن كنت لا أشم رائحة جميلة تلامس وجداني و تستعطف إحساسي .
- إحدى المرات و بينما أحد الأصدقاء يتبضع حاجيات له من محل متخصص للتجميل و العطور ، توقفت بائعة عندي تعرض مساحيق و دهانات للوجه تريد مني أن اشتريها ، كنت أتحاشها بقولي أنني لا أحتاج مما تقولين يا سيدتي ، فقالت لي بطريقة الحل الأخير ، الا يوجد مال لديك ؟ ، أتذكر وقتها أنني ضحكت كثيراً بداخلي ، ولم أبالي بالرد حينها.
- الغرق بالماديات ، الإسفاف بالروح ، و الأهتمام بالشكليات و تهميش الذات ، هي سمات هذا العصر الجديد الذي أحاط بنا بإدواته الجديدة ، سناب شات و تويتر و إنستغرام ، فضاعت أرواحنا في متاهات الإبتذال و أصبحت الأفكار نوعاً من الكلام الغير المفهوم ، و أستبدلناها بقوالب نرتديها تحت مسميات شانيل و دولتشي قابانا.
- حياتي بالقراءة و الكتابة هي ما تبدد وحشتي في هذا الزمن الذي أصبحت لا أفهمه ، أتواصل من خلال القراءة مع الماضي الذي لم أعيشه ، و بالكتابة أتواصل مع المستقبل الذي أحلم العيش به.
أرواحنا صارت غريبة ، تتنفس فراغاً ..
أصبحت موحشة ، لا تعرف طعاماً و لا شراباً ..
~ كانت مجرد أحاديث ضائعة في كنفات غربة الروح.
التصنيفات :طومار