5994221583_fdf74c6f42_b

 

منذ بداية عام 2016 وحتى كتابة هذه اللحظات تفاعلت فيها ذاتي المسكينة بحالة من التذبذب ، بين قدم تشدني بعنف إلى الأمام و قدم آخرى أشدها بقوة إلى الأمام ، بدأتها من الصفر تقريباً ، منذ لحظات تنصيب برنامج الوورد بحاسوبي و حتى أن وصلت بإنجاز الكتاب ، كانت أبرز سمّات هذه المرحلة المميزة من حياتي هو المغامرة والقفز إلى المجهول وعدم قيامي بأي دراسة مسبقة لجدوى المشروع ( كتابة الكتاب ) ، فمحدثكم والذي لطالما كان يعيش بداخل أسوار معايير التخطيط الدقيق لكل شؤون حياته ، حيث لا يقدم على أي فعل دون تمحيص بالأسئلة ، أو أن أجري عمليات بحث عن أي موضوع أود القيام به ، لكن هذه المرة تحديداً جاءت مختلفة ، أجزم أنه تيسير من الواحد القهار الذي قهر عاداتي وتقاليدي دون أحس بذلك حتى أقاوم هذا الفعل الفريد و المختلف عن سلسلة أفعال حياتي المتسمة بالمنطقية بشكل يخنقني أحياناً ، فأنا أقول معترفاً و مقراً بإن ما قمت به بفعل كتابة الكتاب يخالف طبيعتي النفسية المتزمتة بحبها الدائم بالتأني وعدم الأقدام على الخطوات المجهولة أو التي تبدو بها نسبة الخسارة فيها كبيرة ..

فقد جازفت بكتابة الكتاب أثناء عنفوان لحظة مجنونة أصابتني بعد مرور عام ( 2015 ، الهدوء و العزلة ! ) ، حيث أكاد أجزم أنها كانت السبب وراء أندفاعي المتهور بكتابة كتابي الأول ، فمناسك الهدوء لعام كامل جعلت مني أنسان لا يهاب كسر حدوده ! ، لم أستوعب ما قام به الهدوء بشكل عكسي في نفسي حتى أن وصلت إلى صفحات نهاية الكتاب وبدأت أتنبه حينها لآثار فعلي الزاحف على جدران العزلة التي كنت أعيشها سابقاً ، وكأن الفعل بدى وكأنه يتسرب غصباً عبر سدود قامت ذاتي الرقيقة ببنائها  ، فهي تحيط أفعالي عن القيام بالمغامرة ، فأنا  لست من المجازفين بعادتي ، فلست من محبين القفز بحبل البانجي أو حتى أن أركب بما يسمى قطار الموت ، بل أن الحركة السريعة لا تتفاعل أبداً مع حبلي الشوكي ، فهي ترسل إشارات عصبية إجبارية لي حيث تطلب مني حالاً التوقف دون أعرف أسباباً لها ، أو هذا ما يقوله الطب على الأقل عند تفسيره لبعض صفاتي النفسية الفسيولوجية و المتمكنه في ذاتي ، والتي لا أملك أمامها الكثير ، فلهذا السبب أجد نفسي أسير أمامها حاملاً نعش من الورد لأنثره في طريقها ، أحييها بالمجد و شعارات الكرامة ! وأمامها رقصت آمالي على قدميها ، فرحت ، حتى أن البساتين التي نسيتها فز ّت و أزهرت بداخلي ..

كنت قد بدأت تدوينات أتحدث بها عن العلاقة بين الزوجين بسبب أهتمامي الشديد بالعلاقات الإنسانية ، وإن كانت الحقيقة التي لم أرويها حتى الآن هو أنني في السابق قد كتبت بعض الصفحات بمنتديات متخصصة بالعلاقات الزوجية قبل سنوات طويلة ولاقت إعجاب المتابعين حينها وتم تثبيت ثلاثة مواضيع كتبتها في الصفحة الرئيسية ، والتي بالمناسبة هي المواضيع الوحيدة التي كتبتها وجميعها قد تم تثبيتها ، أستخدمت حينها معرفاً مجهولاً وبعدها لم أكمل المشاركة في الكتابة حيث توقفت ومشاركاتي لم تتجاوز الخمس والعشرون ، رغم أن المواضيع تجاوزت الردود بها أكثر من 8 صفحات ، وسبب توقفي لأن مشاركتي برمتها كانت بسبب أنني أحببت أن أنقل ما كتبته من مسودات لنفسي إلى جمهور القراء وأن أرى ردة فعلهم ، بعدها توقفت عن نقل كتاباتي الشخصية وأبحاثي الخاصة وأرائي إلى المحتويات العامة ، وبقيت محتفظ بها طوال تلك السنين حتى خيّمت لحظة من الملل على رأسي وأنا أنتظر في إحدى مقاهي البحرين حيث كنت أنتظر أمي وأخواتي ينتهون من عملية التسوق ، فبدأت أكتب بعض التدوينات عبر هاتفي الذكي وأنا أحتسي القهوة والتي نشرتها هنا بالمدونة بشكل متوالي على مدار أسبوع ووجدت بشكل مصادف أن مكتبة أبحاثي وقراءاتي لا تتسع لتلك الخمس من التدوينات التي نشرتها بخمسة أيام متتالية ، توقفت تماماً ، وقمت بعد فترة بإزالة التدوينات من صفحات المدونة .. ووجدت نفسي تتملكني فكرة بأن أنقلها إلى مستوى أعلى من التنظيم بالكتابة وأن تكون بشكل كتاب منظم بدلاً من سلسلة تدوينات ، ولا أخفيكم خوفي في البداية ، حيث أشرت بشكل عارض في رابط التدوينة الختامية لعام 2015 ( 2015 ، الهدوء و العزلة ! ) حيث كتبت ( توقفت عن كتابة تدوينات #الحياة_الزوجية و ذلك بسبب رغبتي في كتابتها بشكل أفضل في كتاب يستطيع جمع جميع ما أريد قوله بطريقة أفضل .. ) وبعدها توقفت عن الإشارة أو الحديث عن الكتاب لعدة أشهر حتى شهر مارس من عام 2016 م ، حيث قررت أن أظهر مشروعي للعلن بشكل مفصل وأن أشرك القراء في خضام التجربة معي ، كنت ولازلت أشعر برغبة نقل التجربة للأخرين بعد أن وجدت في الفترة المفقودة مابين التلميح إلى التصريح أن الوعاء العربي للأنترنت يفتقد أحاسيس الكاتب في تجربته الأولى مع أصدار الكتاب ، ويفتقد المعلومات الكاملة عن عملية نشر الكتاب ، متقضياتها و إجراءاتها ، لهذا شعرت بوجوب نقلي للتجربة كاملة للقراء والمهتمين مستقبلاً في نشر كتبهم الخاصة ، وربما تكون حافز للأخرين ليخرجون كتبهم الخاصة ..

 

لم تكن عملية نشري لسلسلة التدوينات في ( مشروع كتاب ) و ( تأليف كتاب ) محصورة الفائدة للقارئ ، فحتى أكون صريحاً معكم أيضاً ، فهي كانت مفيدة لي ، فقد كانت هي اليد التي تمسكني من عنقي وتجرني إلى أكمال مشروع الكتاب ، كنت لا أريد أن يقول قراء المدونة ، ” يزيد خسر رهانه وتوقف ” ، كانت التدوينات أكبر حافز شخصي لي ، ولا أنسى فضل التعليقات التي كانت تزهّر بأسفل التدوينات ، وتسقي روحي بالطاقة لكي أستمر من خلال تشجيعكم لي ..

وصلت إلى 825 كلمة لهذا قررت التوقف لتدوينة اليوم وسأكمل حديثي لكم بالتدوينات القادمة.