
المٌرسل : صديق مجهول
رسالتك: مرحبا،
لكم أحببت رسائل الإيميل المجهولة التي تحتوي على كلام طبعا ليست المزورة ولن أفرط بفرصة منح أحدهم جمال شعور الحصول على رسالة طويلة..بالرغم من كوني أحب الرسائل الورقية أكثر لكن لا بأس بهذه الرسائل لا زالت المشاعر نفسها.
لدي هوس عظيم بمعرفة العالم وفهمه لكن لم اتنبه لعدو يترصد بي يريد الانقضاض على وقتي ورغباتي بشراهة..لم أضع بالحسبان أني سأكون أحد ضحايا الاكتئاب اللئيم، لم أعد أمالك أي مقوم للحياة سوى أني أهدر المزيد من الاوكسجين، كل رغباتي واهتماماتي وشغفي بالحياة تلاشى، أصبحت لا أطيق نفسي ولكم أعجبني وصف الغثيان عندما قرأت رواية الغثيان لجان بول سارتر، أُصبت بغثيان مزمن من الحياة، لا أنكر أني حاولت التشبث بكل ما لدي بينما نصفي الآخر يدفعني للرحيل!
بحثت كثيرا عما يجعلنا أحياء، وقعت بالحب، انخرطت بأنشطة متعددة، صادقت الكثير لكن في كل مرة كنت أعود لذات النقطة، الطاولة التي بجوار سريري ممتلئة بأدوية الاكتئاب، مثبتات المزاج، مضادات الذهان، ولا زلت بذات الدائرة.
لم أعد الآن أشفق على نفسي كالسابق، علاقتي بذاتي أصبحت علاقة تعظيم وغضب، فتارة أرفعني عاليا بالسماء لفرط مشاعري وحبي للحياة وتارة أود لو ينته العالم ولكم راودتني نفسي أن أبتهل لله بأن يجعل نهايتنا قريبة بها الفايروس الذي انتشر مؤخرا.
لست آسف على هذه السلبية لكوني لا أراها كذلك، ولا أعتقد أنك كنت بانتظار رسائل مفعمة بالحب والحيوية في هذا الزمن المعتم، ولكني ممتن لكونك قد تنتظر هذه الرسالة لتقرأها..فشكرا لك.
ردي على الرسالة المجهولة الأولى التي وصلتني:
أهلاً بك يا عزيزي المجهول رقم واحد،
هذا لقائي الأول مع أحرفك وفرحي الأول بلقائي أول رسالة مطوّلة في هذا العام ، والتي تلامس مشاعري وأتخيلها في هاتفي وأنا أقرأها وكأنها مخطوطة بيدك ، فأنا لا أعرف من أنتَ أو من أنتِ ؟ ولكن هذا لم يكن عائقاً لي بإن تتولد أشواقاً فيني لمعرفة ماذا كتبتَ أو كتبتِ ، وعن أي شعور وصفتَ أو .. ، مهما يكن ، يا من أرسلت رسالتك الأولى ، كل ما أطلبه منك الآن أن تحاول وضع الشكل الإملائي المناسب لمقامك العزيز في الأسطر التالية ، وسأصيغك بذكورة تنمّ عن الجهل .. لهذا أسمح لي وأعذرني مقدماً ..
أجمل ما يصيبنا هذا الهوس اللذيذ و الممتع والذي يدفعنا بشغف إلى التعلم ، إلى هذا الفضول ، والذي يسميه Frank Gehry ، وقود الإبداع ! ، لكن السيء فيه كونه حرب تتصادم فيه الأفكار من حولنا ، قد تخرج مباني بديّعة تشد الأعين ، وموسيقى تطرب لها الأذنّة ، و قد تخرج أسلحة و تعارضات وتقاطعات تؤدي إلى حروب مهلكّة ، هذا البحث أو هذا الفضول ، الذي حتى في إطارنا الشخصي قد يؤدي إلى الإكتئاب ، بالكره لكل شيء يُشعرنا أمامه بالعجز والخذلان و التيه .
فعندما رؤية الأشياء المبنية ، المحكية ،المكتوبة ، المرسومة ، تنقل لك شيء من المشاعر حتى دون أن تعرف صانعها أو راسمها أو ناحتها وحتى مثل هذه الرسالة كاتبها ، ولكن يبقى هذا الفضول عندما يتجاوز حجمه ، حدودنا ، ويسيطر على مشاعرنا بشكل متعسف ودون هوادة ، تحتاج منا الوقاية ، وفي أحياناً متأخرة قد نجدها تدفعنا لتقهقر ، وهنا الإكتئاب أشبه ما يكون بـ جاثوم لا تراه إلا في نومك ولكن تشعر به رغم منامك ، ونحن في أستيقاظنا الكامل يكون هناك شكل آخر يلتف حول أعناقنا ونشعر به ولكن تَقصُر بَصائرنا في وصفه ومعرفة شكله ، لكن أقول لك نعرف هويته ، هو الجهل يا صديقي المجهول ، هونك على ذاتك بالفضول ، رويدك بنفسك من هذا الجموح الذي يتكسرعند أسوار الجهل!
معرفة الجهل تصيبنا بالكدر ، هذا الإرتباط ، وإن كان بأشخاص ، حتى في موتهم ، هذا جهل ..
أرتباطنا المعرفي ، فعندما نعلم ، نطمئن ، وعندما نجهل ، نرتبك ، تتهوه بوصلاتنا وتتعطل أنظمتنا وتخر ساقطة لا نعلم مالذي حدث لها ، عندما يموت حبيب ما ، عندما نكتشف خيانة شخص ما ، أعتقدنا بعلمنا ومعرفتنا ، ولكن فجأة نجدنا نجهله ، نفقده ، يموت أمامنا ، ولم نعد نميزه ، هو هذا الإكتئاب مهما تعدد أشكاله ولكن أعراضه واحدة. فهذه مشاعر قاتمة ، أعرفها جيداً ، هذا الضعف ، هذا العجز ، والسكون الذي نُجبر عليه ، كلها قيود سوداء ، يصعب التخلص منها سوى بالحديث عنها ، ما أجمل أن تكتب وأن تنزلق بخفّة من فوق الأسوار وعلى الأسطح ونخرج من هذا السجن السقيم الذي يدعى بالكآبة ، لترى نفسك مرة أخرى من خلال الأخرين ، فالكتابة شكلاً آخر من أشكال الخلود ! ، حيث أشترك معك بنفس المشاعر وإن كنت أكثر إدراكاً بها والفضل يعود إلى تعلُمي البحث عن كل ما يبعث على الرضا ، حتى يكون دافعاً لعيش الحياة ! ، كما يصف الفرنسي ميشيل دي مونتاني : فمن الأجدى أن لا تخضع لأي فكرة مؤلمة ، وأن تستبدلها بفكرة مضادة لها ، وإن لم تستطع ، فأستبدلها بفكرة مختلفة ، إذا لم تستطع محاربة شيء ما ، أهرب منه ورواغه وتعلم كيف تكون أصحاب حِيَل.
صديقي المجهول / فنحن عبر أفعال مثل الكتابة والرسائل نحاول ” إعادة صياغة ” تلك الأشياء التي لا نعرفها ، فمحاولاتنا المستمرة في إعادة كتابتها ، بوضعنا الإستطرادات ، والهمهمات ، ليست سوى عُمل حثيث ليعالج هذا الفضول أو الإكتئاب ، على أمل أن نرى جانب آخر وتصلنا رسالة من جانب وجهة نظر آخرى لتتلاقح وتتناضح وتتمازج لتنتج لنا الدواء والتفسير المنطقي الذي يحل عُقدة هذا الجهل أو ما يسمى بالإكتئاب ..
ومرة أخرى يقول السيد ميشيل : لو كان عقلي قد تمكّن من تثبيت أقدامه ما كتبت مقالات ، بل لاتخذت قرارات ، لكنه في حالة تلمذةٍ وتجريبٍ دائمَين.
شكراً لك يا صديقي على رسالتك والتي سأحتفظ بها طوال حياتي ضمن أشيائي الخاصة التي أكتسبتها في هذه الحياة.
تحياتي العظمى لك.🌹
Tagged: رسائل
الى رسالة مجهول ١ : ما يحصل في حياتك الان هوا نتيجة عوامل كثيره قد يكون لك يد بها او لا، انا حقا لا اعلم ما تشعر به حاليا ولكن كنت لفتره في دوامه من القلق او الاكتئاب او الاحباط انا حقا لا اعلم ولكن كنت اعيشها على اية حال كنت على يقين ان هناك خطب ما، مشاكلي كثرت و مستقبلي اصبح مشوش ولا اعلم ما افعل وانا لم اعذ انا لم اكف عن السخط و جلد الذات و التأنيب ، حاولت ان اراجع حياتي اكثر من مره وما الخطأ في حياتي و حاولت تغيير حياتي الى نمط صحي و ازيد ارتباطي بربي و ان اضاعف المجهود لاحصل على ما اريد ولكن لم اجني شيئا و استمر الحال سنين كثيره ، رجعت و راجعت اخطائي واعدت محاسبتي لنفسي و دعوت الله كثيره و لم يتغير الحال ، بعد ما يقارب ال4 سنين وبعد محاولاتي الكثيره التي لم اتوقع ان استفيد منها ، تراكمت هذه المحاولات لا لتخرجني لكن لتساعدني ، حقيقة لم ارى الحياه جميلة هكذا من قبل و اتوقع ان الطريق الطويله ولكني كلي امل وصبر لارى الحياة بابهى حله. اتمنى لي و لك و للجميع حياة متوازنه و هادئه .
إعجابإعجاب